• ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024 | 11-21-2024

من (سعيدان) إلى (شايب الديمن) رحلة تجسيد التحولات الاجتماعية درامياً

من (سعيدان)  إلى (شايب الديمن)   رحلة تجسيد التحولات الاجتماعية درامياً
0
0
الشبكة الإعلامية السعودية رؤية : ناصر بن محمد العُمري

شهد المجتمع السعودي خلال الستين سنة الماضية تحولات عدة تبعاً للمتغيرات الثقافية والاقتصادية والسياسية التي عشناها وكان لها تأثيرها الاجتماعي الواضح على صعيد الشكل والمضمون وصبغت التحولات الانسان السعودي بصفات ظاهرة
رصد تلك التحولات والغوص فيها من منظور ثقافي واجتماعي وتاريخي ينطوي على متعة كبيرة ولاشك
كما أنه يمنحنا تصوراً وافراً عن كينونة اfلانسان السعودي واستعداداته الفطرية لقبول التحولات كما أنها تشكل مادة ثرية يمكن من خلالها إستنتاج توقعات عن تحولات قادمة منتظرة .
ولأن الدراما تختصر الكثير من الوقت فهي الاقدر على تقديم التاريخ الاجتماعي وتجسيده
وتضطلع بمهمة ابقاءه في الذاكرة من خلال الصورة والمشهد لذافهي أبقى وأكثر تأثيراً مما عداها من الوسائل الاخرى كونها سهلة التداول وتدخل كل بيت وتستطيع كافة الشرائح فهم رسالتها كونها مباشرة
وقد تفوقت الدراما على نظيراتها من المؤسسات الآخرى سواء الجهات العلمية كالجامعات أو الوزارات الرسمية المعنية بالشأن المجتمعي في توثيق تلك التحولات عبر خلق كاركترات اختصرت الكثير مما يمكن أن يقال عن التحولات
ففي البداية وفي مرحلة ماقبل النفط كان النموذج للشخصية السعودية هو ( القروي البسيط) وجسده نموذج ( سعيدان وعليان) في طاش
(وابوالعيدات )في مسلسل (عيد وسعيد) كنماذج تقربنا من صورة القروي والتي كانت تعبر عن الجهل التعليمي والوضع الاقتصادي المتدني والسلم الاجتماعي ومن أهم مظاهرها لبس الطاقية واهمال نظافة الاسنان والشعر المترسل وعدم الاهتمام.بالشكل العام وحلاقة شعر الرأس بالموس
هذه المرحلة اخفتها (المدينة)
ثم جاءت مرحلة ماتعارف عليه بالصحوة سريعاً لتسيطر على الفضاء العام للشخصية مشكلة الجيل الثاني بإحلال شخصية أخرى من ابرز مظاهرها عدم (لبس العقال.) والثوب الابيض القصيرمع الشماغ والسواك ودهن العود مع اطالة اللحية واصبحت مظهراً عاما بلغ ذروته ابان الجهاد الافغاني
واستمر هذا النموذج طاغيا ويتمدد حتى حدث غزو العراق للكويت ثم حدثت تفجيرات ارهابية. تم ربطها بهذا النموذج فبدأ التحول عن تلك الشخصية وان لم تختفي تماماً
والملاحظ أن تجسيد هذا النموذج درامياً أشغل الرأي العام وشهد الكثير من الجدل والمد والتجاذبات
التي بلغت حد الصراع والتقاضي
كما يلاحظ أن النموذج السمة
تغلبت على الكاركتر
حيث. لم إنتاج
شخصية. تمثله وترتبط به
على غرار (عليان وسعيدان ) أو (الشيخ. فؤاد) أو (مناحي)
وتم الاكتفاء بالتركيز على الابعاد النفسية والهيئة الخارجية ومظاهر اللبس.
الاحداث والمتغيرات توالت
وخلقت على أنقاض هذا النموذج توجه اجتماعي آخر يمكننا اعتباره الجيل الثالث من الشخصية لسعودية
وهذا النموذج دفع بنموذج القبيلة للواجهة وعززت القنوات الفضائية هذه الظاهرة التي يمكن وصفها بظاهرة (التبدون)
وهي اعادة احياء النموذج البدوي العصري عبر أناس يسكنون المدن لكنهم يخرجون خارجها للسكن في خيام شبه دائمة فتجد امام الخيمة وداخلها احدث انواع الاضاءة والسيارات الفخمة والقناة الفضائية تبث برامجها للبدوي الجديد
ومن اهم مظاهرالتبدون
تربية الابل وشرب حليبها
واقامة الاسواق لها والمسابقات التي تنقل المنقيات
بالتزامن مع السكن في الخيمة وتنكيس العقال والبشت الوبر مع ميل لقرض الشعر
وجلسات السمر وشبات الضو وجسدها نموذج ( مناحي ) الذي اشتهر به فايز المالكي
هذه الظاهرة تزامن معها برامج فضائية تعزز( التبدون )
كشاعر المليون
الذي عزز العودة للقبيلة عبر التصويت للشاعر
ومعها انتشرت ظواهر وسم القبائل ومبالغات
المزايين وظهور الشيلات
ومظاهر الاسراف والبذخ
لكن هذه الشخصية انحسرت بسبب اثارتها مشكلات أمنية والنعرات كما ساهم انتشار مرض كورونا وشبهات غسيل الأموال وتجارة المخدرات
-وإن لم تثبت بشكل قطعي-
فتحول المجتمع عنها إلى مظهر اجتماعي جديد هو (الفردانية )
وذلك بالتزامن مع ظهور (السوشال ميديا)
وتعززت بشكل كبير حيث أصبح الناس يتواصلون عبر تويتر والفيس ثم الواتس أب والتليجرام وأخيرا السناب شات
وتبلغ الفرادانيةذروتها. حين تجتمع الاسرة في المنزل لكن من دون أي حديث مشترك. حيث الجميع يتواصل عبر الشاشة مع أصدقاء بعيدين في لحظة فارقة تؤكد ولع السعوديين بالتقنية ووسائط التواصل
وقد جسدها الفنان ناصر القصبي في حلقة من مسلسل سيلفي حملت أسم (شايب الديمن ) والذي كسر عزلته بالسناب لكنه تسبب بالكثير من الحرج لأسرته بميله للاستعراض في الوقت الذي صار مشهوراً جداً في إشارة الى نشوء مايعرف ب(مشاهير التواصل الاجتماعي )
وقد بلغت الفردانية مداها الأقصى حين أصبحت ملاذاً للبعض ومخبأ سرياً لهم حتى أن الأسرة التي لايغادر أبنها محيط المنزل لاتعرف أن ابنها يعتنق افكاراً خطيرة ويتبرمج عقلياً على نحو ما، قديفضي إلى الانضمام لتنظيمات ارهابية وتصدم العائلة حين لاتعرف ذلك الا من خلال تويتر حين يعلن تبني هذا الابن عملية ارهابية أو أنه انتحر فجأة أو بات مدمناً للمخدرات الالكترونية

ويبقى السؤال هل غاصت الدراما بعيداً في رحلتها مع التحولات وتجسيدها ؟
وهنا ليست الإجابة. بقدر أهمية السؤال
لكن المؤكدأن الدراما كانت وفيّة لدورها حين جسدت تلك التحولات عبرتلك الشخصيات التي رسمت مظاهر حقبة من عمر الوطن
مما يجعل من تلك الأعمال وثيقة درامية وشاهد على العصر