• ×
الخميس 21 نوفمبر 2024 | 11-20-2024

تصريحات بوتين أعادتها للأذهان.. ما هي معركة ستالينغراد؟

تصريحات بوتين أعادتها للأذهان.. ما هي معركة ستالينغراد؟
0
0
 أعادت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الخميس، إلى الأذهان معركة ستالينغراد (1942-1943) التي تعد واحدة من المعارك التي سقط فيها أكبر عدد من القتلى في التاريخ، إذ لقي مليونا شخص تقريباً من الجانبين حتفهم فيها.
فقد قارن بوتين عمليته العسكرية في أوكرانيا بالحرب على النازية، معلناً في الذكرى الثمانين لانتصار الجيش السوفيتي على النازيين في ستالينغراد أن "الدبابات الألمانية تهددنا مجدداً".
تقع مدينة فولغوغراد (Volgograd) الروسية على الضفة الغربية لنهر الفولغا. وبيومنا الحاضر، وتصنف كواحدة من أكبر المدن الروسية حيث يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة. وما بين عامي 1589 و1925، حملت هذه المدينة اسم تساريتسين (Tsaritsyn) نسبة للقياصرة الروس. ولاحقاً غير البلاشفة اسمها لتصبح ستالينغراد نسبة للزعيم السوفيتي جوزيف ستالين. وقد حافظت هذه المدينة على هذا الاسم لحدود عام 1961 حيث قرر المسؤولون السوفيت إعادة تسميتها فولغوغراد نسبة لنهر الفولغا أثناء سعيهم لاجتثاث الستالينية.
كما تحمل بطيات تاريخها ذكريات واحدة من أكبر المعارك التي شهدتها الحرب العالمية الثانية. فخلال معركة ستالينغراد، تفوق السوفيت على الألمان واضعين بذلك حداً لأسطورة الفيرماخت (Wehrmacht)، أي القوات المسلحة الألمانية، التي لا تقهر.
بعد مضي أسابيع عن بداية عملية بربروسا، حقق الألمان تقدماً عسكرياً سريعاً بلغوا من خلاله مشارف العاصمة موسكو. إلى ذلك، عجز الألمان عن دخول موسكو بسبب الدفاعات السوفيتية التي تمكنت من صد الهجمات الألمانية. وأمام هذا الوضع، أطلق الألمان صيف عام 1942 العنان لعملية فال بلو (Fall Blau)، المعروفة بالعملية الزرقاء، التي حاولوا من خلالها إخراج الاتحاد السوفيتي من الحرب نهائياً.
وانطلاقاً من هذه العملية، اتجه الألمان لتحقيق هدفين أساسيين تمثلا في السيطرة على حقول نفط القوقاز وإخضاع ستالينغراد التي ستمكنهم من وضع يدهم على نهر الفولغا الذي مثل حينها شرياناً حيوياً لموسكو بسبب اعتمادها عليه بعملية نقل المساعدات الأميركية وحاجياتها من المواد الأولية.
من ناحية أخرى، حاول الألمان التقدم بطول نهر الفولغا لتغطية وحماية قواتهم المتجهة صوب القوقاز وتحديداً نحو أذربيجان. وبسبب هذه المعطيات، تحدث المسؤولون الألمان على أهمية مدينة ستالينغراد في حسم مستقل الحرب على الجبهة الشرقية مؤكدين أن إخضاعها سيمكن ألمانيا من السيطرة على نفط القوقاز ومجرى نهر الفولغا.
ومعتمدين على المدفعية وطائرات اللوفتفافه (Luftwaffe)، أي سلاح الجو الألماني، تقدم الجيش السادس الألماني، رفقة عدد من قطع الجيش الرابع، بثبات داخل ستالينغراد التي تحولت لكومة من الحجارة بسبب كثافة وشدة القصف. وقد جاءت عملية القصف المكثفة بناء على أوامر من هتلر الذي أراد تدمير المدينة التي حملت اسم ستالين.
إلى ذلك رفرف العلم الألماني وسط مدينة ستالينغراد مطلع سبتمبر 1942. في المقابل، واصل السوفيت عملية إرسال مزيد من القوات، التي افتقرت للتكوين العسكري والعتاد الكافي، نحو ستالينغراد عبر الفولغا أملاً في الحفاظ على بعض المواقع بها. وبسب ذلك، شهدت هذه المدينة الاستراتيجية معارك شوارع ضارية أسفرت عن سقوط عدد هائل من القتلى.
في خضم المعارك حول ستالينغراد، اتجهت القيادة العسكرية العليا السوفيتية، المعروفة حينها بالستافكا (Stavka)، لوضع خطة بهدف شن هجوم مضاد ضد قوات الجيش السادس الألماني المتمركزة بستالينغراد. ويوم 19 نوفمبر 1942، أطلق الجيش الأحمر السوفيتي العنان لعملية أورانوس (Uranus). وبموجبها، شن السوفيت هجوماً من محورين ضد القوات الرومانية والمجرية والإيطالية، حليفة الألمان، التي حمت الأجنحة والمناطق الخلفية للقوات الألمانية المتوغلة بستالينغراد.
وخلال عملية أورانوس حشد السوفيت أكثر من مليون عسكري مدعومين بحوالي 900 دبابة ونحو 13 ألف قطعة مدفعية إضافة لـ1500 طائرة عسكرية. وبفترة وجيزة تمكن السوفيت من طرد المجريين والرومانيين والإيطاليين من المنطقة وأغلقوا فخ الكماشة على الجيش السادس الألماني الذي حوصر داخل ستالينغراد. ومع سماعه لخبر الهجوم السوفيتي، طالب هتلر بإخفاء الأمر عن الشعب الألماني واتصل بقائد الجيش السادس المحاصر بستالينغراد الجنرال فريدريش باولوس (Friedrich Paulus) مطالبا إياه، رفقة قواته، بعدم مغادرة ستالينغراد والصمود بانتظار وصول قوات ألمانية إضافية لتحريرهم.
غير أنه على الرغم من بعض المحاولات البائسة، ظل الجيش السادس الألماني عالقاً بستالينغراد. وعلى الرغم من معاناته من نقص فادح بالعتاد العسكري والمواد الغذائية والملابس الملائمة لتحمل البرد الروسي، قاتل الجيش السادس الألماني لشهرين إضافيين بستالينغراد قبل أن يستسلم رسمياً للسوفيت يوم 2 فبراير 1943. في الأثناء، عصى فريدريش باولوس، الذي تمت ترقيته لرتبة مارشال باليوم السابق، أوامر هتلر واتجه للاستسلام، رفقة ما تبقى من قواته، للجيش الأحمر.
يشار إلى أن معركة ستالينغراد مثلت واحدة من أكثر المعارك دموية بالتاريخ. فخلالها، سقط ما لا يقل عن مليوني جندي بين قتيل وجريح كان من ضمنهم أكثر من مليون جندي سوفيتي، فضلاً عن أسر السوفيت نحو ربع مليون جندي من الألمان وحلفائهم الذين قاتلوا عند محور ستالينغراد