• ×
الثلاثاء 3 ديسمبر 2024 | 12-02-2024

المؤرخ الإنجليزي "رودريك أوين" -1957 -: "إن الحقائق والإنصاف يقتضيان بتسميته الخليج العربي"

المؤرخ الإنجليزي "رودريك أوين" -1957 -: "إن الحقائق والإنصاف يقتضيان بتسميته الخليج العربي"
0
0
الآن - فريق التحرير يسكن العرب على معظم ضفاف الخليج العربي سواء في القسم الغربي أو الجنوبي في سلطنة عُمان والإمارات والبحرين وقطر والسعودية والكويت وفي القسم الشمالي في العراق وفي معظم سواحل إيران المطلة على الخليج العربي ففي شمال الخليج العربي يسكن العرب في العديد من مدن عربستان أهمها الأحواز والمحمرة. وفي إقليم بوشهر الواقع في الشمال الشرقي من الخليج العربي، في مدن مثل بوشهر وعسلوية وبندر كنغان. وفي إقليم هرمزغان في شرق الخليج العربي يشكل العرب غالبية سكان جزيرة قشم بالإضافة إلى وجود العرب في بندر لنجة وفي مدينة بندر عباس مركز هذا الإقليم.

بقي الآن من أسماء هذا الخليج في اللغة العربية مستعملًا حتى اليوم:

* الخليج العربي: تستعمله رسميًا دول الجامعة العربية كما تستعمله الأمم المتحدة في وثائقها العربية والجمعيات الجغرافية العربية.
* خليج فارس: تستعمله إيران (( فقط )) (في الصحف والوسائل الإعلامية التابعة لها ومنها كذلك تلك الناطقة بالعربية) ، وكذلك مطبوعات ووسائل إعلام بالعربية تصدر عن هيئات ودول غير عربية. وتستعمل في عدة لغات أخرى.
* خليج البصرة وهي التسمية التي كانت شائعة في الوثائق العائدة إلى العهد العثماني، وما تزال تستخدم على نطاق ضيق في بعض الدول العربية خاصة العراق (التسمية الرسمية هي الخليج العربي).
* الخليج الإسلامي وقد طرحه بعض المفكرين ومعمر القذافي على الخميني فرفضه

* أقدم اسم معروف هو اسم «بحر أرض الإله» ولغاية الألف الثالثة قبل الميلاد وهدا غير مؤكد ، ثم أصبح اسمه «بحر الشروق الكبير» حتى الألف الثاني قبل الميلاد وسمي «بحر بلاد الكلدان» في الألف الأول قبل الميلاد. ثم أصبح اسمه «بحر الجنوب» خلال النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد.
* سماه الآشوريون والبابليون والأكديون: «البحر الجنوبي» أو «البحر السفلي» ويقابله البحر العلوي وهو البحر الأبيض المتوسط. كما أُطلق عليه اسم «نارمرتو» (أي البحر المر ، من قِبل الآشوريون
* سماه الفرس «بحر فارس» وقيل التسمية عرفت في أول الأمر من قبل الملك الفارسي داريوش الأول (521-486 ق.م) في كلامه «على البحر الذي يربط بين مصر وبلاد فارس»
* والراجح أن الاسكندر الأكبر هو أول من أطلق تلك التسمية بعد رحلة موفده أمير البحر نياركوس عام 326 ق. م. وقد عاد من الهند بأسطوله بمحاذاة الساحل الفارسي فلم يتعرف إلى الجانب العربي من الخليج. مما دعا الاسكندر إلى أن يطلق على الخليج ذاك الاسم، وبقي متداولًا ((بطريق التوارث)) ، وعن طريق اليونان تسربت التسمية للغرب
* سماه الروم «الخليج العربي» وممن أطلق تلك التسمية المؤرخ الروماني بليني بلينيوس الأصغر في القرن الأول للميلاد. قال بليني: «خاراكس المحمرة مدينة تقع في الطرف الأقصى من الخليج العربي، حيث يبدأ الجزء الأشد بروزًا من العربية السعيدة، وهي مبنية على مرتفع اصطناعي. ونهر دجلة إلى يمينها، ونهر أولاوس إلى يسارها والرقعة التي تقوم عليها -والتي يبلغ طولها ثلاثة أميال- تقع بين هذين النهرين، وعلى مقربة منها يلتقيان. أنشأها بادئ ذي بدء الإسكندر الأكبر، وأمر أن يطلق عليها اسم الإسكندرية. إلا أن فيضان النهرين دمرها فأعاد بناءها انطيوخوس وأطلق عليها اسمه وبما أنها هدمت للمرة الثانية، فقد أعاد بناءها «باسينس» ملك العرب المجاورين، وأقام على ضفتي النهرين سدودًا لرد المياه عنها، وسماها باسمه وكان طول هذه السدود ثلاثة أميال وعرضها أقل من ذلك بقليل وكانت تبعد أول الأمر ما ينيف على الميل عن الضفة، حتى كأنها كانت تملك ميناء خاصا بها .
* سماه العرب «خليج البصرة» أو «خليج عمان» أو «خليج البحرين» أو «خليج القطيف» و«بحر القطيف» لأن هذه المدن الثلاث كانت تتخذه منطلقًا للسفن التي تمخر عبابه وتسيطر على مياهه ويعود اسم «بحر البصرة» إلى فترة الفتح الإسلامي في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب. ونجد النحويين الأوائل يستعملونها مثل الخليل بن أحمد الفراهيدي (توفي 160هـ) كما استعملها الجغرافيون مثل ياقوت الحموي
* كما أسماه بعض العرب أثناء الخلافة العباسية "خليج العراق" لكن تسمية الخليج العربي بقيت مستعملة ، ويقول د. عماد الحفيظ: «إن تسمية الخليج العربي ظلت معروفة منذ قبل الإسلام واستمرت إلى ما بعد الإسلام لدى سكان شبه الجزيرة العربية وما جاورها .

* سماه العثمانيون «خليج البصرة» (بصرة كورتري)، يقول العلاّمة مصطفى جواد في مقابلة له استمعت لها قديما شخصيّا أن الخليج هو خليج البصرة وقد دعاه بعض المؤرخين الغربيين بالفارسي لأن أكثر أولئك المؤرخين والرحالة الغربيين كانوا يهدفون إلى عبوره من الجانب العربي إلى الفارسي وليس العكس والهدف هو الذي يفرض التسمية فعندما تكون في بغداد مثلا وتريد الطريق الذي يؤدّي إلى البصرة فإنك تقول أو تسمّيه طريق البصرة أمّا إذا كنت في البصرة وتريد الطريق المؤدّي إلى بغداد فإنك تسمّيه طريق بغداد
* وهكذا كان الأمر بالنسبة للخليج عندما كان الهدف منه والعبور فيه هو الوصول إلى البصرة فتكون التسمية خليج البصرة وهي نهاية الخليج العليا أمّا من يسلكه من الجانب الفارسي ويريد الجانب العربي فهو خليج البصرة وخصوصا لعموم سكّان فارس والهند ومناطق باكستان الحاليّة واسم البصرة كان من أشهر الأسماء في تلك المناطق الواسعة فأهل بومبي ما زالوا يرددون الكثير من الأغاني عن المحبوب الذي غيّبته السفن عندما رحل إلى البصرة وهكذا وورد الكثير من ذكر البصرة وخليجها وأكثر ما يُروى عن المنطقة هو ما يُروى عن صيد اللؤلؤ وصناعة السفن والأساطيل التي تمخر الخليج قديما وحديثا إلى الهند والصين وأندونيسيا والفلبين وجزر سليمان وجلب الأخشاب من جاوة وغير ذلك كثير، ومازال كثير من سكان الهند والباكستان يحتفظون ببعض الصلات والأنساب التي تربط بعضهم بأهالي الخليج والمنطقة والبصرة بالذات .

بدأ بعض الباحثين الغربيين يتخلون عن التسمية الفارسية للخليج ومن هؤلاء المؤرخ الإنجليزي رودريك أوين الذي زار الخليج العربي وأصدر عنه سنة 1957 كتابا بعنوان الفقاعة الذهبية وثائق الخليج العربي وقد روى فيه أنه زار الخليج العربي وهو يعتقد بأنه خليج فارسي لأنه لم ير على الخرائط الجغرافية سوى هذا الاسم. ولكنه ما كاد يتعرف إليه عن كثب حتى أيقن بأن الأصح تسميته «الخليج العربي» لأن أكثر سكان سواحله من العرب. وقال: «إن الحقائق والإنصاف يقتضيان بتسميته الخليج العربي»

وكذلك أكد الكاتب الفرنسي جان جاك بيربي عروبة الخليج في كتابه الذي تناول فيه أحداث المنطقة وأهميتها الإستراتيجية، حيث يقول: «يؤلّف القسم الذي تغسله مياه نهر كارون من إقليم الأهواز مع القسم الأسفل من بلاد ما بين النهرين وحدة جغرافية واقتصادية... إن إقليم الأهواز هي طرف الهلال الخصيب الذي يبدأ عند السهول الفلسطينية وينتهي عندها مارًّا بلبنان وسوريا والعراق.

ومن المضحك أن يصور جغرافيونا جزءًا من بلاد العرب كأنه خاضع لحكم ملوك الفرس، في حين أن هؤلاء الملوك لم يتمكنوا قط من أن يكونوا أسياد ساحل البحر في بلادهم الخاصة.
كما كتب جون بيير فينون أستاذ المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية في باريس في كانون الثاني 1990 دراسة في مجلة لوموند الفرنسية حول الخليج تؤكد تسميه الخليج بالعربي. فقامت السفارة الإيرانية بالاحتجاج. وكتبت ردًا على بيير. فرد هو أيضًا ردًا مدعمًا بالحجج العلمية، وقدم خارطة لوكانور التي يرجع تاريخها إلى نهاية القرن السادس عشر والتي تحمل التسمية اللاتينية سينوس ارابيكوس أي «البحر العربي»، وقال: «لقد عثرت على أكثر من وثيقة وخارطة في المكتبة الوطنية في باريس تثبت بصورة قاطعة تسمية الخليج العربي، وجميعها تعارض وجهة النظر الإيرانية».

و أكد الكاتب وجهة نظره فيما تضمنته خارطة جوهين سبيد التي نشرت عام 1956 تحت اسم الإمبراطورية التركية حيث ورد في الخريطة تسمية «بحر القطيف» ثم «الخليج العربي». وقد دحض جون بيير مزاعم الإيرانيين، وأكد أن تسمية «الخليج الفارسي» الشائعة حديثًا بين الجغرافيين الأوربيين جاءت نتيجة توجه سبق وابتدعته الدول الاستعمارية خاصة إيطاليا.

يقول الباحث د. إبراهيم خلف العبيدي: «بدأت الدراسات العلمية الحديثة تؤكد أن تسمية الخليج العربي بالفارسي لا تمت للواقع بشئ. إذ أنه عربي منذ عصور ما قبل التاريخ. وان سيطرة إيران عليه في فترات محدودة، لا يعد دليلًا على أنه فارسي. فضلًا عن ذلك فإن القبائل العربية هي ساكنة جانبي الخليج منذ القدم. ولا تزال القبائل تسكن في الساحل الشرقي الذي تحتله إيران، على الرغم من سياسية التفريس التي تتبعها إيران لمسخ هويتهم القومية»
ولهذا فإن العديد من الأطالس والمراجع الجغرافية الأوروبية (مثل موسوعة أونيفرساليس هاشيت ومعظم الموسوعات الأوروبية) بدأت منذ النصف الثاني من القرن العشرين باستخدام التعبير العلمي التاريخي الجغرافي وهو «الخليج العربي الفارسي».


النزاع السياسي
يرى الكاتب الفرنسي ميشال فوشيه Michel Foucher في كتابه «تخوم وحدود» (Fronts et Frontieres) أن الخليج الذي سمي الخليج الفارسي، وجد دعمًا من الإستراتيجية الأميركية (زمن الشاه) القائمة على دعم الشاه وجيشه لتحقيق الأمن الإقليمي في حماية النفط. ويؤكد ذلك نبيل خليفة، كاتب لبناني في الشؤون الإستراتيجية، في صحيفة دار الحياة في 14 اغسطس 2005*: «ليس الخلاف بين العرب والإيرانيين مجرد خلاف لفظي/اسمي. وانما هو خلاف يعكس صراعًا سياسيًا وقوميًا ذا أبعاد ومضامين استراتيجية، خلاصتها من له الهيمنة على الخليج، على مياهه وجزره ونفطه ومواقعه الاستراتيجية وأمنه وثرواته» ، وفي 15 حزيران 2006، قامت إيران بمنع مجلة ذي إيكونوميست من دخول إيران لمجرد أنها تضمنت خريطة عليها تسمية «الخليج» بدون ذكر الفرس.

يرى أغلب العرب حاليا أن اسم «الخليج العربي» تاريخي وقديم، وأنه مبرر لأن ثلثي سواحل الخليج تقع في بلدان عربية، بينما تطل إيران على حوالي الثلث، وأنه حتى السواحل الإيرانية تقطنها قبائل عربية سواء في الشمال (إقليم الأحواز) أو في الشمال الشرقي في العديد من مدن إقليم بوشهر مثل بوشهر وعسلوية وبندر كنغان أو في الشرق في بندر لنجة وبندر عباس،(حيث كانت دولة القواسم مسيطرة على تلك البلاد حتى ضمتها إيران)، كما أن العرب يشكلون سكان أهم جزيرتين مسكونتين في الخليج العربي وهما جزيرة البحرين وجزيرة قشم بالإضافة إلى أن العرب يشكلون السكان الأصليين لجميع الجزر المأهولة في الخليج العربي قبل ظهور النفط وبالتالي فمن الأولى تسمية الخليج وفق الشعب الذي يسكن جزره وسواحله .

كما تبين خارطة القوميات الإيرانية الموضحة أدناه بوضوح أن جميع سواحل الخليج العربي الجنوبية والغربية تخلو من الفرس بالإضافة إلى معظم سواحل الخليج العربي الشمالية والشرقية، للقوميات التي تعد الفارسية لغتها الأم، فهم الفرس في إيران وهزارة في أفغانستان ويتكلمون الفارسية الدرية والطاجيك في طاجيكستان وأجزاء من أفغانستان ويتكلمون الطاجيكية وهي لهجة من اللغة الفارسية تكتب بحروف روسية ، والهدف من هذه الخارطة توضيح عدم واقعية تسمية الخليج العربي بأي سم آخر .

يقول الشيخ بكر أبو زيد في كتابه «معجم المناهي اللفظية»: «الخليج الفارسي: هذه التسمية الباطلة تاريخًا وواقعًا من شعوبية فارس. فكيف يكون الخليج الفارسي وكل ما يحيط به أرض عربية من لحمة جزيرة العرب وسكان عرب خلّص؟ ..
فلنقل: الخليج العربي». وكتب في الحاشية "الخليج الفارسي: أغاليط المؤرخين. لأبي اليسر عابدين ص264" .
وفي الواقع فإن الفرس لم يكونوا يركبون البحر، حتى وإذا ما أنشأؤوا في الخليج أسطولًا، كان بحارته من غير الفرس ، يقول د. صلاح العقاد: «أما الساحل الشمالي الشرقي الذي يكوّن الآن الساحل الإيراني، فيمتد على طوله نحو ألفي كيلومتر: سلسلة عالية من الجبال الصعبة المنافذ إلى الداخل، مما عزل سكان بلاد فارس والسلطة المركزية فيها عن حياة البحر ، وعلى ذلك فإن ذيوع اسم «الخليج العربي» الآن قد جاء موافقًا لحقيقة جغرافية ثابتة».