• ×
الأحد 24 نوفمبر 2024 | 11-23-2024

وَذَكِّرْ ..

وَذَكِّرْ ..
0
0
الآن —-

عندما أصابنا الفقد وحزبتنا الدنيا؛ توقفت عندنا كل اللحظات، نسينا الكلمات والقول، التبست علينا الجهات وماعرفنا الزمن ولا ميزنا ..
فقدنا الحواس بالموجودات، تراجعنا وأفلتنا ما كنا نمسكه وعلقنا في لحظة التوقف تلك..
كلنا حول فقيدتنا ننهمر، وكلنا أشغله النظر لداخله، مأخوذ بهذا الوجع الذي يسيل في جوفه ويواصل انصبابه بسخونة عالية ويجرفه أبعد عن الحياة.

وحقاً لم يكن لأحد منا أن يعرف الكلمات حينها ولا أن يتذكر شكل أي شيء ذو جدوى، ولا أن يعرف أو يشير لشيء صحيح قد ينفع حينها .. كان للموت أخذته الكاملة !

لذا كان أجود الناس وأصدقهم الذي يجمعك دون أن تقول له أنك انتثرت ..
و يذكّرك القول دون أن تقول أنك نسيت كل شيء..
أجملهم على الإطلاق الذي يأتي بنفسه بجانبك وهو يعلم أنك متوقف في ظلمة فجيعتك قد ذابت كل حدودك ، فتدنوا منك الأصوات المؤنسة وما أجمل منفعتها، فتهرع بدورك خلف كل كلمة مطلقة بالرحمة والحياة..
ولو أن أحداً أريته جوفك حينها لرأى حجم الحاجة وهذا الشقاء والظلمة المتواصلة والبؤس المندفع، لأن للموت أخذة كاملة، وعيونٌ مجهرية، وتجريد جارف.

عتبة مفصلية تؤكد أن الإنسان خُلق ضعيفاً،خلف ضعفه شر الجزع فيكون للسلوة وقع السلام واللطف واللمسة كأعذب ما على الدنيا وأنفسها لديه.
يكون لكل كلمة تطرق سمعك مهما كانت بسيطة منزلة عظيمة من قلبك..تأخذك كلك من حزنك البليغ ونزعك.
ما يثير الجدل أن كلمة صغيرة كنت تعرفها في السعة و العافية لا تلمس فيك شيئا ، ولها من العادية ماليس يلحظه أي بشر في الرخاء، إذ بها تشكل البعث الكامل لبشرٍ -أنت هو الآن- منتهياً حزبته الدنيا.
لا تستقل جميع الكلمات، تعازيها جميلة لذوي الفجيعة.كل فجيعة على حدٍ سواء.
الذين كانوا حولي و ذكروا لي كلمات الحياة التي نسيتها كلها ، وأروني بواطنها اللطيفة بهوادة ولين،
الذين حاوطتني نبراتهم فأخذتني كلي من على خط النهاية وأنارت مصابيحي واحداً تلو آخر ..
هؤلاء جاؤا مباشرة، هؤلاء من يكافئهم غير الله .. وبرحمتك حاوط فقيدتنا جدتي في فردوسك.



فاطمة الأحمد