• ×
الإثنين 25 نوفمبر 2024 | 11-24-2024

"ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر" .. نظرة على حركة الشعر

"ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر" .. نظرة على حركة الشعر
0
0
الآن محمد عبدالرحمن - اليوم السابع :

من الكتب التى تناولت بالتحليل والنقد، حركة الشعر الحديث وتتبع أصوله، كان كتاب "ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول): الدراسة"، والكتاب الذى بين يدينا لا يريد إلا أن يكون مدخلًا لقراءة الشعر الحديث وتتبع أصوله بقدر الطاقة وفى فترة زمنية محددة تمتد من منتصف القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين، إنه يهتم قبل كل شيء ببنائه ولا يفكر فى تقديم لوحةٍ شاملة أو بانوراما، تضم كل أعلامه".

ثورة الشعر الحديث

كعادة الدكتور عبد الغفار مكاوى، ينغمس فى مؤلفه حتى يصل إلى الإشباع، ومن ثم يخرج بسفر عظيم يكون مرجعا فى بابه.

والكتاب الذى بين أيدينا له قصة، فقد التقى مكاوى بالشاعرين صلاح عبد الصبور وعبد الوهاب البياتى واتفقوا بعد حديث حول الشعر ورموزه أن يقدموا للقارئ العربى أهم نماذج الشعر الغربى، وأنجز مكاوى عمله وانشغل الشاعران بشعرهما، فجاء كتاب مكاوى مدخلًا لفهم الشعر الحديث والعوامل التى تتحكم فى بنائه، وجاء ذلك من خلال ثلاثة من شعراء الحركة الرمزية هم بودلير ورامبو ومالارميه، بجانب بعض النماذج الأخرى، ويقوم الكتاب على دراسة النص واستقراء الظواهر الفنية والفكرية فيه.

ويقول المؤلف تبين لى من خلال العمل فى هذا الكتاب أن الشعر الأوروبى الحديث ينبع من رافدين كبيرين تدفق عطاؤهما فى القرن التاسع عشر وفى بلد واحد هو فرنسا، وأعنى بهما الشاعرين رامبو ومالارميه. إن ما يجمعهما بالشعر الحديث ليس مجرد الريادة والسبق، بل عواملُ مشتركة فى البناء، لم تزل تظهر بصورٍ مختلفة فى ظواهره العديدة. ولعل البدايات ترجع إلى أبعد من القرن التاسع عشر، ولعل بعضها أن يمتد بجذوره إلى القرن الثامن عشر. ولكن هذا البناء الشامل قد بدأ يتشكل فى صورته النظرية والنقدية حوالى سنة ١٨٥٠م، ثم وضحت آثاره على الخلق الشعرى حوالى سنة ١٨٧٠م. ولم يزل هذا البناء يتعقَّد ويزداد تعقدًا وتركيبًا، ولم يزل يزداد تخصصًا وتفردًا عند كل شاعرٍ جدير بهذا الاسم، بحيث نستطيع أن نقول ونحن مطمئنون إنه لا يزال أيضًا يترك آثاره على كل الإنتاج الشعرى الأوروبي؛ بل وعلى كثير من الإنتاج غير الأوروبى حتى اليوم. فهذان الشاعران الفرنسيان يفسران لنا قوانين الأسلوب التى تحكم بناء الشعر المعاصر، وقراءاتنا للشعراء المعاصرين تبين أنهما ما زالا معاصرَين. هناك إذن وحدة فى بناء الشعر الحديث، لن نذكرها أو نقدرها حق قدرها حتى نحرر أنفسنا من التقسيمات التقليدية التى تلجأ إليها كتب النقد وتاريخ الأدب، ونوسع من نظرتنا بحيث لا نقتصر على شاعر أو أسلوب بعينه، بل نجعلها تشمل الكل ولا تقف عند الأفراد والأجزاء.