النقد الدولي: يلح على ضرورة معالجة الإفراط في الرواتب الحكومية
01-23-2018 08:22 صباحاً
0
0
الشبكة الإعلامية السعودية - ليلى السرحاني-الاقتصادية-متابعات يرى صندوق النقد الدولي أن نجاح محاولات البلدان المصدرة للنفط في الشرق الأوسط، لاحتواء البطالة عن طريق إيجاد قوى عاملة متضخمة في القطاع العام، يرتبط بتقليص الإنفاق على الرواتب في القطاعات الحكومية.
مخصصات الأجور الكبيرة في القطاع العام فشلت أيضاً في تحسين نوعية الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم، في حين خفّضت نطاق الحكومات لتمويل التحويلات الاجتماعية والاستثمارات الرأسمالية – التي هي عادةً المحرك الأقوى للنمو الاقتصادي - فضلاً عن إرهاق الموارد المالية العامة.
الهيئة القائمة في واشنطن تدعو إلى اتخاذ إجراء عاجل لمعالجة الرواتب الحكومية المُفرطة، مُحذرة أنه حتى وإن بقيت أجور القطاع العام ثابتة، فإن ارتفاع التزامات المعاشات التقاعدية يعني أن التكلفة الإجمالية سترتفع.
قال جهاد أزعور، مدير دائرة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي: "يعد حجم الرواتب الحكومية هو من بين الأعلى عالمياً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
وأضاف أزعور، الذي طالب بدلاً من ذلك بإنفاق اجتماعي "مستهدف" وزيادة الاستثمار في البنية التحتية، الأمر الذي "سيسمح لاقتصاداتها بالنمو بشكل أسرع".
وأضاف "هناك حاجة للإصلاح لزيادة الحيز في المالية العامة، وتحسين نوعية الخدمات العامة، وتعزيز ظروف النمو الاقتصادي من خلال تقليص فجوات الأجور بين القطاعين العام والخاص".
في معظم أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك في أفغانستان وباكستان، كانت الحكومات بمثابة "صاحب عمل الملاذ الأول"، كما قال صندوق النقد الدولي، حيث تعرَض وظائف القطاع العام كوسيلة للدعم الاجتماعي، وفي كثير من الحالات، كطريقة لإعادة توزيع بعض ثروات الموارد.
يُمكن أيضاً النظر إلى منح وظائف القطاع العام السهلة بأنه وسيلة للحد من البطالة، في كثير من الأحيان.
مع ذلك، في حين أنه يُنظر إلى هذا النظام على نطاق واسع على أنه يتسم بالهدر، حيث يجر الإنتاجية إلى الأدنى في كل أنحاء الاقتصاد غير النفطي، إلا أنه ربما يخفق حتى في تحقيق هدفه المقصود.
لم يجد بحث صندوق النقد الدولي أي ارتباط بين مستويات التوظيف في القطاع العام ومعدل البطالة الإجمالي. بلدان مثل مصر وأرمينيا والأردن وتونس لديها جميعا معدلات بطالة عالية، على الرغم من وجود قوى عاملة كبيرة لديها في القطاع العام، في حين أن كلا من البحرين وأفغانستان تعاني معدل بطالة منخفضا وقطاعات عامة صغيرة.
بدلاً من إيجاد الوظائف بالأرقام الصافية، يبدو أن أعداد الموظفين الكبيرة في القطاع العام ببساطة تؤدي إلى وظائف أقل في القطاع الخاص. الأسوأ حتى من ذلك، هو أن ارتفاع معدل التوظيف في القطاع العام يرتبط بقوة مع مشاركة أقل من القوة العاملة، حيث تكّهُن البحث أن "الوظائف العامة المحمية والأفضل أجراً، التي غالباً ما توفر مزايا لأفراد العائلة، يمكن أن تُعيق المشاركة بين المجموعات التي من الناحية التقليدية تحضر دخلا ثانويا للأسرة، خاصة النساء والشباب".
في كل أنحاء منطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، وأفغانستان، وباكستان، توصل صندوق النقد الدولي أن البلدان أنفقت في المتوسط 6 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي سنوياً على الرواتب الحكومية العامة خلال العقد الماضي، ما امتص 28 في المائة من الإنفاق العام.
مستويات التوظيف في القطاع العام هي الأعلى في العراق واليمن، حيث تبلغ في المتوسط 27.4 في المائة من إجمالي التوظيف، وفي دول مجلس التعاون الخليجي والجزائر تبلغ النسبة متوسط 26.6 في المائة، وفي البلدان المصدرة للنفط في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، تقف النسبة عند 24.8 في المائة من الوظائف، مع نسبة مرتفعة تبلغ 15.9 في المائة من السكان في سن العمل.
استنادا إلى المواطنين بدلاً من المقيمين (بما في ذلك العمال الأجانب)، فإن 84 في المائة من القوة العاملة في الكويت تعمل في القطاع العام، إلى جانب 79 في المائة من القطريين، وتتحسن النسبة على التوالي إلى 66 في المائة في السعودية، ثم 41 في المائة في البحرين.
في المقابل، في جميع أنحاء الأسواق الناشئة ككل، لا يُمثل القطاع العام سوى 8.9 في المائة من التوظيف، ما يُعادل 5 في المائة من حجم السكان في سن العمل.
تكلفة هذه الرواتب المتضخمة في الغالب تتضاعف في كثير من البلدان من خلال الرواتب السخية المعروضة. في الكويت، على سبيل المثال، يتلقى العامل العادي في القطاع العام أجراً يعادل 254 في المائة من أجر القطاع الخاص العادي، بينما يقف الرقم في البحرين عند 229 في المائة.
قطر والسعودية لديهما أيضاً أجور مرتفعة في القطاع العام تزيد على 150 في المائة، على الرغم من أن هذه الفجوة سلبية في مصر والأردن وكثير من دول آسيا الوسطى.
علاوة على ذلك، ارتفعت فواتير الرواتب الحكومية بشكل عام كنسبة من الناتج الأهلي الإجمالي في الأعوام الأخيرة، لتزيد من 11.9 في المائة إلى 13.5 في المائة من الناتج الأهلي الإجمالي في بلدان مجلس التعاون الخليجي والجزائر منذ عام 2002، ومن 10 في المائة إلى 17.7 في المائة في العراق واليمن، على الرغم من انخفاضها من 6.5 في المائة إلى 5.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الأسواق الناشئة ككل.
النتيجة الصافية هي أن كثيرا من بلدان الشرق الأوسط تُنفق الكثير على أجور القطاع العام، بحيث أنه لا يتبقى لديها مال يذكر للأهداف الأخرى.
الدول المستوردة للنفط في المنطقة عادةً ما تُكرّس 23.4 في المائة من إنفاقها العام على الموظفين. عند الأخذ في الاعتبار تكاليف خدمة الديون المرتفعة جداً، والإنفاق على السلع والخدمات وغيره من الإنفاق الجاري، فإن هذا يترك القليل للحكومات للإنفاق على التحويلات الاجتماعية (1.3 في المائة من الإنفاق الحكومي العام) والاستثمارات الرأسمالية (13.7 في المائة).
البلدان المصدرة للنفط في المنطقة تصرف نسبة سخية أكبر حتى من ذلك، عند 34.2 في المائة من إنفاقها على الأجور، على الرغم من أن تكاليف خدمة ديونها المتواضعة تسمح لها على الأقل بالإنفاق أكثر قليلاً على التحويلات الاجتماعية (4.6 في المائة) والاستثمارات الرأسمالية (22.3 في المائة).
إلا أن هذا النمط مختلف تماماً في الأسواق الناشئة ككل، حيث إن اقتران الإنفاق النسبي على أجور القطاع العام الأقل مما هو في البلدان المصدرة للنفط، مع تكاليف الفائدة الأقل مما هي للبلدان المستوردة للنفط، ما يعني أن 19.1 في المائة من الموازنات الحكومية يُمكن أن توجّه إلى التحويلات الاجتماعية، و16.1 في المائة إلى الإنفاق الرأسمالي.
لا يزال التباين أكثر وضوحاً مع البلدان المتقدمة في الغالب في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث عادةً ما تُكرّس 36.5 في المائة من الموازنات الحكومية على الإنفاق الاجتماعي، وهو ما يشكل نسبة أعلى بشكل لا بأس به من 23 في المائة، تُنفق على أجور القطاع العام.
يقول صندوق النقد الدولي: "فواتير الأجور لم تُبقِ مجالا واسعا للاستثمار العام والتحويلات الاجتماعية في المنطقة، المهمة تماما من أجل النمو الذي يشمل الجميع وتقليص الفقر".
"تشير الدلائل إلى أن تأثير الإنفاق الرأسمالي في النمو هو أعلى من الإنفاق الجاري، بما في ذلك الإنفاق على الأجور – غالباً بعامل من اثنين إلى ثلاثة - وأكثر استدامة.
بالتالي فإن دور وقدرة السياسة العامة على تعزيز النمو الشامل محدودة بسبب فاتورة الأجور العالية في المنطقة".
لوحظت هذه المشكلة في الاضطرابات الأخيرة في تونس. دخلت البلاد في فورة توظيف في القطاع العام، إلى حد كبير لتلبية المطالب الاجتماعية، كما يقول صندوق النقد الدولي، لكن أيضاً لتعويض عائلات المعارضين السياسيين.
ارتفع عدد موظفي الخدمة العامة من 430 ألف شخص إلى 590 ألف شخص بحلول نهاية عام 2015. زيادات الأجور السخية (حتى مع تراجع الإنتاجية بنسبة 10 في المائة) كانت تعني أن فاتورة الرواتب الحكومية ارتفعت من أقل من 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 14.1 في المائة في عام 2016، في واحد من أعلى الأرقام في العالم، والآن تُمثّل نحو 40 في المائة من الإنفاق العام.
محاولات كبح هذا الإنفاق من أجل خفض العجز في المالية العامة وتحرير الموارد للاستثمار في البنية التحتية، أدت إلى غضب الخريجين العاطلين عن العمل الذين يرون أن نافذة فرصهم تُغلق أمامهم.
على الرغم من ذلك، يقول الصندوق إن هناك حاجات إلى سياسات مماثلة عبر المنطقة، من أجل ضمان أن تبقى فواتير الرواتب في القطاع العام مستدامة من ناحية المالية العامة، وتكون أكثر تركيزا على التسليم الفعال للخدمات العامة، حيث تركز الحكومات بدلا من ذلك على الإجراءات الرامية إلى تعزيز إيجاد الوظائف في القطاع الخاص، وتعزيز شبكات السلامة الاجتماعية.
مخصصات الأجور الكبيرة في القطاع العام فشلت أيضاً في تحسين نوعية الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم، في حين خفّضت نطاق الحكومات لتمويل التحويلات الاجتماعية والاستثمارات الرأسمالية – التي هي عادةً المحرك الأقوى للنمو الاقتصادي - فضلاً عن إرهاق الموارد المالية العامة.
الهيئة القائمة في واشنطن تدعو إلى اتخاذ إجراء عاجل لمعالجة الرواتب الحكومية المُفرطة، مُحذرة أنه حتى وإن بقيت أجور القطاع العام ثابتة، فإن ارتفاع التزامات المعاشات التقاعدية يعني أن التكلفة الإجمالية سترتفع.
قال جهاد أزعور، مدير دائرة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي: "يعد حجم الرواتب الحكومية هو من بين الأعلى عالمياً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
وأضاف أزعور، الذي طالب بدلاً من ذلك بإنفاق اجتماعي "مستهدف" وزيادة الاستثمار في البنية التحتية، الأمر الذي "سيسمح لاقتصاداتها بالنمو بشكل أسرع".
وأضاف "هناك حاجة للإصلاح لزيادة الحيز في المالية العامة، وتحسين نوعية الخدمات العامة، وتعزيز ظروف النمو الاقتصادي من خلال تقليص فجوات الأجور بين القطاعين العام والخاص".
في معظم أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك في أفغانستان وباكستان، كانت الحكومات بمثابة "صاحب عمل الملاذ الأول"، كما قال صندوق النقد الدولي، حيث تعرَض وظائف القطاع العام كوسيلة للدعم الاجتماعي، وفي كثير من الحالات، كطريقة لإعادة توزيع بعض ثروات الموارد.
يُمكن أيضاً النظر إلى منح وظائف القطاع العام السهلة بأنه وسيلة للحد من البطالة، في كثير من الأحيان.
مع ذلك، في حين أنه يُنظر إلى هذا النظام على نطاق واسع على أنه يتسم بالهدر، حيث يجر الإنتاجية إلى الأدنى في كل أنحاء الاقتصاد غير النفطي، إلا أنه ربما يخفق حتى في تحقيق هدفه المقصود.
لم يجد بحث صندوق النقد الدولي أي ارتباط بين مستويات التوظيف في القطاع العام ومعدل البطالة الإجمالي. بلدان مثل مصر وأرمينيا والأردن وتونس لديها جميعا معدلات بطالة عالية، على الرغم من وجود قوى عاملة كبيرة لديها في القطاع العام، في حين أن كلا من البحرين وأفغانستان تعاني معدل بطالة منخفضا وقطاعات عامة صغيرة.
بدلاً من إيجاد الوظائف بالأرقام الصافية، يبدو أن أعداد الموظفين الكبيرة في القطاع العام ببساطة تؤدي إلى وظائف أقل في القطاع الخاص. الأسوأ حتى من ذلك، هو أن ارتفاع معدل التوظيف في القطاع العام يرتبط بقوة مع مشاركة أقل من القوة العاملة، حيث تكّهُن البحث أن "الوظائف العامة المحمية والأفضل أجراً، التي غالباً ما توفر مزايا لأفراد العائلة، يمكن أن تُعيق المشاركة بين المجموعات التي من الناحية التقليدية تحضر دخلا ثانويا للأسرة، خاصة النساء والشباب".
في كل أنحاء منطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، وأفغانستان، وباكستان، توصل صندوق النقد الدولي أن البلدان أنفقت في المتوسط 6 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي سنوياً على الرواتب الحكومية العامة خلال العقد الماضي، ما امتص 28 في المائة من الإنفاق العام.
مستويات التوظيف في القطاع العام هي الأعلى في العراق واليمن، حيث تبلغ في المتوسط 27.4 في المائة من إجمالي التوظيف، وفي دول مجلس التعاون الخليجي والجزائر تبلغ النسبة متوسط 26.6 في المائة، وفي البلدان المصدرة للنفط في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، تقف النسبة عند 24.8 في المائة من الوظائف، مع نسبة مرتفعة تبلغ 15.9 في المائة من السكان في سن العمل.
استنادا إلى المواطنين بدلاً من المقيمين (بما في ذلك العمال الأجانب)، فإن 84 في المائة من القوة العاملة في الكويت تعمل في القطاع العام، إلى جانب 79 في المائة من القطريين، وتتحسن النسبة على التوالي إلى 66 في المائة في السعودية، ثم 41 في المائة في البحرين.
في المقابل، في جميع أنحاء الأسواق الناشئة ككل، لا يُمثل القطاع العام سوى 8.9 في المائة من التوظيف، ما يُعادل 5 في المائة من حجم السكان في سن العمل.
تكلفة هذه الرواتب المتضخمة في الغالب تتضاعف في كثير من البلدان من خلال الرواتب السخية المعروضة. في الكويت، على سبيل المثال، يتلقى العامل العادي في القطاع العام أجراً يعادل 254 في المائة من أجر القطاع الخاص العادي، بينما يقف الرقم في البحرين عند 229 في المائة.
قطر والسعودية لديهما أيضاً أجور مرتفعة في القطاع العام تزيد على 150 في المائة، على الرغم من أن هذه الفجوة سلبية في مصر والأردن وكثير من دول آسيا الوسطى.
علاوة على ذلك، ارتفعت فواتير الرواتب الحكومية بشكل عام كنسبة من الناتج الأهلي الإجمالي في الأعوام الأخيرة، لتزيد من 11.9 في المائة إلى 13.5 في المائة من الناتج الأهلي الإجمالي في بلدان مجلس التعاون الخليجي والجزائر منذ عام 2002، ومن 10 في المائة إلى 17.7 في المائة في العراق واليمن، على الرغم من انخفاضها من 6.5 في المائة إلى 5.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الأسواق الناشئة ككل.
النتيجة الصافية هي أن كثيرا من بلدان الشرق الأوسط تُنفق الكثير على أجور القطاع العام، بحيث أنه لا يتبقى لديها مال يذكر للأهداف الأخرى.
الدول المستوردة للنفط في المنطقة عادةً ما تُكرّس 23.4 في المائة من إنفاقها العام على الموظفين. عند الأخذ في الاعتبار تكاليف خدمة الديون المرتفعة جداً، والإنفاق على السلع والخدمات وغيره من الإنفاق الجاري، فإن هذا يترك القليل للحكومات للإنفاق على التحويلات الاجتماعية (1.3 في المائة من الإنفاق الحكومي العام) والاستثمارات الرأسمالية (13.7 في المائة).
البلدان المصدرة للنفط في المنطقة تصرف نسبة سخية أكبر حتى من ذلك، عند 34.2 في المائة من إنفاقها على الأجور، على الرغم من أن تكاليف خدمة ديونها المتواضعة تسمح لها على الأقل بالإنفاق أكثر قليلاً على التحويلات الاجتماعية (4.6 في المائة) والاستثمارات الرأسمالية (22.3 في المائة).
إلا أن هذا النمط مختلف تماماً في الأسواق الناشئة ككل، حيث إن اقتران الإنفاق النسبي على أجور القطاع العام الأقل مما هو في البلدان المصدرة للنفط، مع تكاليف الفائدة الأقل مما هي للبلدان المستوردة للنفط، ما يعني أن 19.1 في المائة من الموازنات الحكومية يُمكن أن توجّه إلى التحويلات الاجتماعية، و16.1 في المائة إلى الإنفاق الرأسمالي.
لا يزال التباين أكثر وضوحاً مع البلدان المتقدمة في الغالب في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث عادةً ما تُكرّس 36.5 في المائة من الموازنات الحكومية على الإنفاق الاجتماعي، وهو ما يشكل نسبة أعلى بشكل لا بأس به من 23 في المائة، تُنفق على أجور القطاع العام.
يقول صندوق النقد الدولي: "فواتير الأجور لم تُبقِ مجالا واسعا للاستثمار العام والتحويلات الاجتماعية في المنطقة، المهمة تماما من أجل النمو الذي يشمل الجميع وتقليص الفقر".
"تشير الدلائل إلى أن تأثير الإنفاق الرأسمالي في النمو هو أعلى من الإنفاق الجاري، بما في ذلك الإنفاق على الأجور – غالباً بعامل من اثنين إلى ثلاثة - وأكثر استدامة.
بالتالي فإن دور وقدرة السياسة العامة على تعزيز النمو الشامل محدودة بسبب فاتورة الأجور العالية في المنطقة".
لوحظت هذه المشكلة في الاضطرابات الأخيرة في تونس. دخلت البلاد في فورة توظيف في القطاع العام، إلى حد كبير لتلبية المطالب الاجتماعية، كما يقول صندوق النقد الدولي، لكن أيضاً لتعويض عائلات المعارضين السياسيين.
ارتفع عدد موظفي الخدمة العامة من 430 ألف شخص إلى 590 ألف شخص بحلول نهاية عام 2015. زيادات الأجور السخية (حتى مع تراجع الإنتاجية بنسبة 10 في المائة) كانت تعني أن فاتورة الرواتب الحكومية ارتفعت من أقل من 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 14.1 في المائة في عام 2016، في واحد من أعلى الأرقام في العالم، والآن تُمثّل نحو 40 في المائة من الإنفاق العام.
محاولات كبح هذا الإنفاق من أجل خفض العجز في المالية العامة وتحرير الموارد للاستثمار في البنية التحتية، أدت إلى غضب الخريجين العاطلين عن العمل الذين يرون أن نافذة فرصهم تُغلق أمامهم.
على الرغم من ذلك، يقول الصندوق إن هناك حاجات إلى سياسات مماثلة عبر المنطقة، من أجل ضمان أن تبقى فواتير الرواتب في القطاع العام مستدامة من ناحية المالية العامة، وتكون أكثر تركيزا على التسليم الفعال للخدمات العامة، حيث تركز الحكومات بدلا من ذلك على الإجراءات الرامية إلى تعزيز إيجاد الوظائف في القطاع الخاص، وتعزيز شبكات السلامة الاجتماعية.