تشابك .. أسئلة اللعبة في ورشة الإبداع السعودي .. بقلم يوسف الحمدان
01-16-2018 01:37 مساءً
0
0
الشبكة الإعلامية السعودية تشابك مسرح الوطن السعودي، عرض مسرحي يلعب ويعزف على إيقاع الأسئلة الذاتية والكونية الصعبة والمفخخة، تلك التي نصبها مؤلف النص الكاتب الشاعر السعودي المبدع فهد رده الحارثي، وتورط بجمال شباكها وشراكها المخرج الرائي أحمد الأحمري ، ليقدمها في فضائي الشارقة وتونس في هيئة لعبة تتماهى عناصرها ومفرداتها في جسدي الممثلين البارعين في حياكتهما الدقيقة لنسيج التجربة المتفلتة والمتشظية والمتناغمة والمنسجمة في آن، سامي الزهراني وعبدالرحمن المزيعل .
هي لعبة اختبارية لأسئلة ذاتية اشتباكية انغمرت بها روح وقريحة مؤلفها الحارثي، لتتشكل بوصفها رؤية حية تبزغ وتتوارى تارة، من خلال هذين الكائنين العابثين القلقين المتورطين بذاتيهما وبالوجود الذي يتحربن في الاعيبة المريبة على هاتين الذاتين، و اللتين تمكن المخرج الأحمري أن ينضجهما في أتون مختبره الكيميائي المركب العناصر والتحاليل والتي تلتئم وقوانين وشروط اللعبة مع الذات المتورطة الحائرة .
تشابك .. هي اشتباك مع الذوات المتعددة المتصارعة القلقة في ذات كل شخصية من الشخصيتين، وهي اشتباك أسئلة المسموح والمسكوت عنه في ذات الشخصيتين، وهي اشتباكات حادة وحذرة وغروتسكية بين الذات والخارج بمختلف تصنيفاته وتلاوينه وانعكاساته ومؤثراته، وهي اشتباك مع هوية الذات وما يلغيها ويصادرها في الداخل والخارج، وهي اشتباك مع راهن الذات ومستقبلها، هي اشتباكات تنظم ورطتها لعبة كتبها فعل الذات لا هواجسه، وهنا تتبدى جلوة الإبداع المسرحي المؤسس على فعل ورشي توليدي متشظ وغير ساكن، باحث وغير مستقر ، بين المؤلف الحارثي والمخرج الأحمري، لتنتقل عدوى هذا الفعل إلى جسدي الممثلين الزهراني والمزيعل، فيتحولان إلى ناسجين خلاقين لخيوط اللعبة المريبة، فيكملان بذلك حلقة الاشتغال المختبري للمؤلف والمخرج .
لم يكن الفضاء مزدحما بقطع الديكور والإكسسوارات، لم يكن خارج قانون وشروط اللعبة، كانت الأسئلة التي تضج بها الذاتان وتعجان، كافية لأن تملأ فضاء العرض كله، لذا كانت الدلالات المتعددة لصندوق خشبي وحيد، كافية لأن تفترش وتؤثث وتصنع فضاءات الفعل والحدث في العرض، هي الصندوق، السجن، العزلة، السيارة، السفينة، استديو الأخبار، والجدار والمخبا، و غيرها من الفضاءات .
هي سينوغرافيا تمكن المخرج بالتعاون مع من صممها ونفذها، في أن تكون محورا جماليا ومعبرا عن فحوى تشظيات وانغلاقات الذات في هذه اللعبة، وقد أسعفه هذا الاختزال السينوغرافي لأن يجعل من هذه الفضاءات جسدا آخر يتحاور مع محوري اللعبة المزيعل والزهراني، وهنا تبرز اللعبة في حيز اشتراطاتها الفنية التي تستدعي من معدها ذكاء مخاتلا فريدا يبتعد عن النهايات السائدة التي اعتدنا أن نراها في لعبة الكراسي مثلا، وهنا تكمن الدهشة والمغايرة، حيث اللعبة أشبه بحلم أو كابوس يعتمل في الذات ولا يمكن أحيانا أن تتذكر نهايته حين تصحو منه .
ويعضد هذا الاشتغال السينوغرافي، اشتغال واشتعال آخر لا يقل أهمية عن السينوغرافيا المعدة للعبة الأسئلة، وأعني به سينوغرافيا الجسد اللذين تمثلاه وتماها فيها الممثلان الزهراني والمزيعل، فقد تمكنا بمهارتيهما الجسدية والصوتية الفائقة البرقية التحول والتعدد، أن يشكلا أفضية أدائية آسرة ، وأن يستثمرا بطاقتيهما الجسديتين الهائلتين الرشيقتين كل الممكنات الحركية الصعبة ذات الإيقاع المربك والمركب، وقد تجلى في ذلك بشكل أكثر فاعلية، الممثل الفنان عبدالرحمن المزيعل، هذا الممثل السعودي الشاب الذي أدهشنا وأذهلنا بحضوره الطاغي في العرض، حيث يتملك أدوات الممثل الشامل صوتا وحركة وأداء وغناء وحضورا وتلقائية مدروسة .
وهنا تستوقفني هذه التلقائية التي أسس عليها المخرج الأحمري قوانين لعبة عرضه المسرحي، حيث لم يذهب بها إلى تلقائية عامية بيد الممثل اقتيادها كيفما شاء كما يحدث في كثير من العروض وخاصة التجارية الهابطة، إنما ذهب بها إلى مناطق التشظية واستقصائها وفق قوانين اللعبة، فكانت موفقة ومدروسة وموظفة، غير مفرطة أو مسرفة أو مجانية ، كذلك الحال بالنسبة للإضاءة التي جاءت بإختزالاتها البقعية والجدولية والعمودية غير المترفة منسجمة ومقتضيات اللعبة في العرض .
تشابك .. هي اشتباكات لا متناهية بين كل مفردات وعناصر العرض، تنمو وتتصاعد وتتراخى وتتضبب وتلغز وتحتدم، وتبقى الحقيبة التي بدأ بها العرض خدعة، إذ كل ما فيها لا يتجاوز قطع الذات الممزقة والمهترئة، تلك التي اكتست بها الذات، فأصبحت هي الحقيبة الكبرى التي ضجت بأسئلتها القلقة حتى تبخرت كحلم عابر في نهاية العرض .
تحية من القلب إلى فرقة مسرح الوطن السعودية على هذا الجهد المسرحي الإبداعي الاستثنائي، الذي شاهدنا من خلاله عرقا مسرحيا مخلصا يستحق أن يحترم ويحتذى .
هي لعبة اختبارية لأسئلة ذاتية اشتباكية انغمرت بها روح وقريحة مؤلفها الحارثي، لتتشكل بوصفها رؤية حية تبزغ وتتوارى تارة، من خلال هذين الكائنين العابثين القلقين المتورطين بذاتيهما وبالوجود الذي يتحربن في الاعيبة المريبة على هاتين الذاتين، و اللتين تمكن المخرج الأحمري أن ينضجهما في أتون مختبره الكيميائي المركب العناصر والتحاليل والتي تلتئم وقوانين وشروط اللعبة مع الذات المتورطة الحائرة .
تشابك .. هي اشتباك مع الذوات المتعددة المتصارعة القلقة في ذات كل شخصية من الشخصيتين، وهي اشتباك أسئلة المسموح والمسكوت عنه في ذات الشخصيتين، وهي اشتباكات حادة وحذرة وغروتسكية بين الذات والخارج بمختلف تصنيفاته وتلاوينه وانعكاساته ومؤثراته، وهي اشتباك مع هوية الذات وما يلغيها ويصادرها في الداخل والخارج، وهي اشتباك مع راهن الذات ومستقبلها، هي اشتباكات تنظم ورطتها لعبة كتبها فعل الذات لا هواجسه، وهنا تتبدى جلوة الإبداع المسرحي المؤسس على فعل ورشي توليدي متشظ وغير ساكن، باحث وغير مستقر ، بين المؤلف الحارثي والمخرج الأحمري، لتنتقل عدوى هذا الفعل إلى جسدي الممثلين الزهراني والمزيعل، فيتحولان إلى ناسجين خلاقين لخيوط اللعبة المريبة، فيكملان بذلك حلقة الاشتغال المختبري للمؤلف والمخرج .
لم يكن الفضاء مزدحما بقطع الديكور والإكسسوارات، لم يكن خارج قانون وشروط اللعبة، كانت الأسئلة التي تضج بها الذاتان وتعجان، كافية لأن تملأ فضاء العرض كله، لذا كانت الدلالات المتعددة لصندوق خشبي وحيد، كافية لأن تفترش وتؤثث وتصنع فضاءات الفعل والحدث في العرض، هي الصندوق، السجن، العزلة، السيارة، السفينة، استديو الأخبار، والجدار والمخبا، و غيرها من الفضاءات .
هي سينوغرافيا تمكن المخرج بالتعاون مع من صممها ونفذها، في أن تكون محورا جماليا ومعبرا عن فحوى تشظيات وانغلاقات الذات في هذه اللعبة، وقد أسعفه هذا الاختزال السينوغرافي لأن يجعل من هذه الفضاءات جسدا آخر يتحاور مع محوري اللعبة المزيعل والزهراني، وهنا تبرز اللعبة في حيز اشتراطاتها الفنية التي تستدعي من معدها ذكاء مخاتلا فريدا يبتعد عن النهايات السائدة التي اعتدنا أن نراها في لعبة الكراسي مثلا، وهنا تكمن الدهشة والمغايرة، حيث اللعبة أشبه بحلم أو كابوس يعتمل في الذات ولا يمكن أحيانا أن تتذكر نهايته حين تصحو منه .
ويعضد هذا الاشتغال السينوغرافي، اشتغال واشتعال آخر لا يقل أهمية عن السينوغرافيا المعدة للعبة الأسئلة، وأعني به سينوغرافيا الجسد اللذين تمثلاه وتماها فيها الممثلان الزهراني والمزيعل، فقد تمكنا بمهارتيهما الجسدية والصوتية الفائقة البرقية التحول والتعدد، أن يشكلا أفضية أدائية آسرة ، وأن يستثمرا بطاقتيهما الجسديتين الهائلتين الرشيقتين كل الممكنات الحركية الصعبة ذات الإيقاع المربك والمركب، وقد تجلى في ذلك بشكل أكثر فاعلية، الممثل الفنان عبدالرحمن المزيعل، هذا الممثل السعودي الشاب الذي أدهشنا وأذهلنا بحضوره الطاغي في العرض، حيث يتملك أدوات الممثل الشامل صوتا وحركة وأداء وغناء وحضورا وتلقائية مدروسة .
وهنا تستوقفني هذه التلقائية التي أسس عليها المخرج الأحمري قوانين لعبة عرضه المسرحي، حيث لم يذهب بها إلى تلقائية عامية بيد الممثل اقتيادها كيفما شاء كما يحدث في كثير من العروض وخاصة التجارية الهابطة، إنما ذهب بها إلى مناطق التشظية واستقصائها وفق قوانين اللعبة، فكانت موفقة ومدروسة وموظفة، غير مفرطة أو مسرفة أو مجانية ، كذلك الحال بالنسبة للإضاءة التي جاءت بإختزالاتها البقعية والجدولية والعمودية غير المترفة منسجمة ومقتضيات اللعبة في العرض .
تشابك .. هي اشتباكات لا متناهية بين كل مفردات وعناصر العرض، تنمو وتتصاعد وتتراخى وتتضبب وتلغز وتحتدم، وتبقى الحقيبة التي بدأ بها العرض خدعة، إذ كل ما فيها لا يتجاوز قطع الذات الممزقة والمهترئة، تلك التي اكتست بها الذات، فأصبحت هي الحقيبة الكبرى التي ضجت بأسئلتها القلقة حتى تبخرت كحلم عابر في نهاية العرض .
تحية من القلب إلى فرقة مسرح الوطن السعودية على هذا الجهد المسرحي الإبداعي الاستثنائي، الذي شاهدنا من خلاله عرقا مسرحيا مخلصا يستحق أن يحترم ويحتذى .