الحكومة "الوهمية".. خدعة السلطة لتمزيق وحدة اللبنانيين
12-23-2019 07:23 صباحاً
0
0
الشبكة الإعلامية السعودية _متابعات تفتقر قوى السلطة اللبنانية لأي مقومات الإبداع والابتكار في التعامل مع مجتمعها. طوال الشهرين الماضيين ، أظهر المجتمع اللبناني تقدماً هائلاً على سلطة مكونة من قوى سياسية لا تزال تدور حول نفسها، وفي حلقتها المغلقة والمفرغة. الافتقار "الفكري" والإبداعي للسلطة اللبنانية، يوقع أفرقاءها على اختلافاتهم في شرور طروحاتهم وأساليبهم. فإما تأسرهم أو تظهر خواءهم وتناقضاتهم، أو أنهم حتى يدوسونها عندما تتضارب مع مصلحتهم. اللعبة الثابتة لدى هذه القوى هي التهديد بـ"الاستقرار" لإعادة اللبنانيين إلى الطائفية والمذهبية. وبحال لم يكن عنوان الاستقرار ملائماً لهم، يلجأون فوراً إلى لعبة التجييش الطائفي والمذهبي، للقضاء على أي محاولة للتقدم.
إلى جانب عنوان "الحفاظ على الاستقرار" الأمني هنا، يتم تخيير اللبنانيين بين أمنهم الاجتماعي والسياسي، أو المعيشي والاقتصادي، في محاولة تاريخية متعمّدة للفصل بين الأمنين ، وهذا بحدّ ذاته دليل على انعدام المنطق لصالح مخيّلات تتغذى على عوامل قلب الحقائق وتهشيم العقول.
لعبت القوى السياسية لعبة منع قطع الطرق، وتأمين تسهيل انتقال المواطنين، وذلك بهدف ضرب الانتفاضة وتحركاتها، وإقحام اللبنانيين في صراعات مع بعضهم البعض. لكن السلطة ذاتها تعود وتقع في شرّ مكيدتها، فتقوم هي بقطع الطرق أمام المواطنين، كما حصل أمس على حاجز المدفون من قطع للسير ومنع المرور باتجاه بيروت، فقط لمنع أعداد من المتظاهرين من التوجه إلى وسط العاصمة والمشاركة في التحركات الرافضة لتكليف حسان دياب بتشكيل الحكومة.
اتهمت السلطة السياسية المتظاهرين بأن تحركاتهم تؤدي إلى تهديد السلّم الأهلي، بينما هي التي استخدمت مجموعاتها الموالية للاصطدام مع المتظاهرين، وفبركة أسباب تبرّر ممارسة العنف ضد المتظاهرين، على أسس مذهبية وطائفية لإعادة شرذمة هذه التحركات الجامعة والمتخطية لكل الحسابات الفتنوية التي غذتها القوى السياسية، وأحكمت من خلالها القبضة على المجتمع وشرائحه المختلفة. حالة الإنحدار وصلت إلى حدّ أن تعتدي السلطة على الدستور، ليس في المجالات السياسية والمصلحية فقط، بل في منع اللبنانيين من التنقل بين المناطق، ربطاً بلعبة خبيثة ما بعد طائفية ومذهبية، وهي إثارة العصبيات المناطقية من قبيل منع أهالي طرابلس من التظاهر في العاصمة بيروت!
الدليل الوحيد على هذه الممارسات، هو أن هذه السلطة والقوى السياسية تحجر على نفسها بنفسها، تدير مفاوضاتها في الغرف المغلقة، تقطع الطرق على نفسها وعلى مواطنيها، وتبتعد كل البعد عن هواجس الناس، في إعادة تدوير تركيبات غير قابلة للهضم الاجتماعي ، إنها لعبة محروقة، إن دلت على شيء، فعلى تغيير محتم سيحصل عاجلاً أم آجلاً، لأن هذه السلطة التي تدعي لنفسها تحقيق الإنجاز وتجاوز زخم التحركات، ستكتشف فراغ ما أقدمت عليه. والأكيد أن حكومة حسان دياب، في المعادلة المنطقية ستكون حكومة خارجة عن الواقع وغير قابلة للمرور شعبياً أساساً، لأنها بعيدة عن مطالب الناس، وتالياً بسبب الخلافات السياسية التي دبّت بين مختلف القوى التي كانت متواطئة، ولا تزال تبحث عن فرص للتواطؤ والالتفاف على طموحات اللبنانيين .
لكنها أيضاً تقع في خلافات "مصلحية" فيما بينها، كالخلاف على عنوان "الميثاقية" المخترع ذات مرة في خريف 2006، الذي أمسك به حزب الله والتيار الوطني الحرّ لتحقيق أهداف سياسية، وما لبثوا أن انقلبوا عليه في آلية تكليف حسان دياب ،
لكنهم بلا شك يعتبرون أن ثمة موافقة ضمنية من الحريري على هذا الخيار، أو بالحد الأدنى عدم ممانعة، لتتحول لعبة الميثاقية، إلى أداة تستخدم للإجهاز على المسار الانتفاضي وشرذمة التحركات في حسابات مذهبية وطائفية. فبعد خروج "شيعة شيعة شيعة" تحت عنوان أن حزب الله مستهدف ويراد استبعاده من السلطة، جاءت الانتفاضة "السنية" رفضاً لتجاوز السنة واختيار من لا يمثلهم. هذه اللعبة على الرغم من إظهارها للاختلافات بين القوى السياسية، إلا أنها تمثّل حاجة عميقة لهم جميعاً لإعادة إنتاج وتعويم أنفسهم، شيعياً، مسيحياً، وسنياً، تضع حكومة "التكنوقراط" التي سيتم تقديمها بعد تسخيفها في مواجهة الناس، لتفشل بعد فترة على مختلف المستويات، فتكون هذه القوى أعادت تجميع قواها، لتعود مجدداً متحدة ومتوافقة على دفتر الحسابات والمصالح على حساب الناس ومطالبهم.
جهدت قوى السلطة على إتهام المتظاهرين بالإرتهان للخارج، لكنهم هم الذي يبحثون عن تعويم أنفسهم دولياً، والدخول في مفاوضات وتقديم تنازلات سياسية واستراتيجية للبحث عن إعادة الإمساك بالسلطة ومقوماتها، وإنتاج نفسها بالحصول على الرضى الدولي، وليس الإسراع في الإدعاءات أن ما جرى من تسوية هو نتاج لتقاطع مصالح إقليمية ودولية، أو بوادر لمفاوضات إيرانية أميركية، إلا إسقاط الكامل لمنطق هذه المنظومة، في محاولات لشيطنة التحركات بينما هي التي تقترف أفعال الشيطنة، والتسابق للحصول على الرضى الأميركي. وربما هذا الكلام وحده يجب أن يكون كفيلاً في إنزال الناس إلى الساحات لرفض هذا النوع من التسويات المنسوج بتدخلات خارجية وتقاطع مصالح إقليمية.
يسارع دياب إلى تشكيل حكومته، وهي ستكون صورياً حكومة مصغرة ومشكلة من اختصاصيين. لكن القرار السياسي فيها واضح أنه خارجها وفوقها، وبلا أي برنامج واضح للخروج من الأزمة الاقتصادية الاجتماعية ، وسط أوهام تتعايش على أن المساعدات المالية الخارجية ستأتي سريعاً فور تشكيلها وذلك بهدف إشغال اللبنانيين وإلهائهم.. وخداعهم. ثمة حفلة تكاذب ومكابرة هائلة تقودها القوى السياسية للإنقلاب على الناس وخياراتهم. والهدف الأبعد، يبقى في إعادة إنتاج تركيبة جديدة خلال هذه الفترة الانتقالية بين القوى التي تدّعي خروجاً من المشهد الحكومي حالياً، والعودة لاحقاً بعد "مصالحات" إلى مقدمة المشهد.*
إلى جانب عنوان "الحفاظ على الاستقرار" الأمني هنا، يتم تخيير اللبنانيين بين أمنهم الاجتماعي والسياسي، أو المعيشي والاقتصادي، في محاولة تاريخية متعمّدة للفصل بين الأمنين ، وهذا بحدّ ذاته دليل على انعدام المنطق لصالح مخيّلات تتغذى على عوامل قلب الحقائق وتهشيم العقول.
لعبت القوى السياسية لعبة منع قطع الطرق، وتأمين تسهيل انتقال المواطنين، وذلك بهدف ضرب الانتفاضة وتحركاتها، وإقحام اللبنانيين في صراعات مع بعضهم البعض. لكن السلطة ذاتها تعود وتقع في شرّ مكيدتها، فتقوم هي بقطع الطرق أمام المواطنين، كما حصل أمس على حاجز المدفون من قطع للسير ومنع المرور باتجاه بيروت، فقط لمنع أعداد من المتظاهرين من التوجه إلى وسط العاصمة والمشاركة في التحركات الرافضة لتكليف حسان دياب بتشكيل الحكومة.
اتهمت السلطة السياسية المتظاهرين بأن تحركاتهم تؤدي إلى تهديد السلّم الأهلي، بينما هي التي استخدمت مجموعاتها الموالية للاصطدام مع المتظاهرين، وفبركة أسباب تبرّر ممارسة العنف ضد المتظاهرين، على أسس مذهبية وطائفية لإعادة شرذمة هذه التحركات الجامعة والمتخطية لكل الحسابات الفتنوية التي غذتها القوى السياسية، وأحكمت من خلالها القبضة على المجتمع وشرائحه المختلفة. حالة الإنحدار وصلت إلى حدّ أن تعتدي السلطة على الدستور، ليس في المجالات السياسية والمصلحية فقط، بل في منع اللبنانيين من التنقل بين المناطق، ربطاً بلعبة خبيثة ما بعد طائفية ومذهبية، وهي إثارة العصبيات المناطقية من قبيل منع أهالي طرابلس من التظاهر في العاصمة بيروت!
الدليل الوحيد على هذه الممارسات، هو أن هذه السلطة والقوى السياسية تحجر على نفسها بنفسها، تدير مفاوضاتها في الغرف المغلقة، تقطع الطرق على نفسها وعلى مواطنيها، وتبتعد كل البعد عن هواجس الناس، في إعادة تدوير تركيبات غير قابلة للهضم الاجتماعي ، إنها لعبة محروقة، إن دلت على شيء، فعلى تغيير محتم سيحصل عاجلاً أم آجلاً، لأن هذه السلطة التي تدعي لنفسها تحقيق الإنجاز وتجاوز زخم التحركات، ستكتشف فراغ ما أقدمت عليه. والأكيد أن حكومة حسان دياب، في المعادلة المنطقية ستكون حكومة خارجة عن الواقع وغير قابلة للمرور شعبياً أساساً، لأنها بعيدة عن مطالب الناس، وتالياً بسبب الخلافات السياسية التي دبّت بين مختلف القوى التي كانت متواطئة، ولا تزال تبحث عن فرص للتواطؤ والالتفاف على طموحات اللبنانيين .
لكنها أيضاً تقع في خلافات "مصلحية" فيما بينها، كالخلاف على عنوان "الميثاقية" المخترع ذات مرة في خريف 2006، الذي أمسك به حزب الله والتيار الوطني الحرّ لتحقيق أهداف سياسية، وما لبثوا أن انقلبوا عليه في آلية تكليف حسان دياب ،
لكنهم بلا شك يعتبرون أن ثمة موافقة ضمنية من الحريري على هذا الخيار، أو بالحد الأدنى عدم ممانعة، لتتحول لعبة الميثاقية، إلى أداة تستخدم للإجهاز على المسار الانتفاضي وشرذمة التحركات في حسابات مذهبية وطائفية. فبعد خروج "شيعة شيعة شيعة" تحت عنوان أن حزب الله مستهدف ويراد استبعاده من السلطة، جاءت الانتفاضة "السنية" رفضاً لتجاوز السنة واختيار من لا يمثلهم. هذه اللعبة على الرغم من إظهارها للاختلافات بين القوى السياسية، إلا أنها تمثّل حاجة عميقة لهم جميعاً لإعادة إنتاج وتعويم أنفسهم، شيعياً، مسيحياً، وسنياً، تضع حكومة "التكنوقراط" التي سيتم تقديمها بعد تسخيفها في مواجهة الناس، لتفشل بعد فترة على مختلف المستويات، فتكون هذه القوى أعادت تجميع قواها، لتعود مجدداً متحدة ومتوافقة على دفتر الحسابات والمصالح على حساب الناس ومطالبهم.
جهدت قوى السلطة على إتهام المتظاهرين بالإرتهان للخارج، لكنهم هم الذي يبحثون عن تعويم أنفسهم دولياً، والدخول في مفاوضات وتقديم تنازلات سياسية واستراتيجية للبحث عن إعادة الإمساك بالسلطة ومقوماتها، وإنتاج نفسها بالحصول على الرضى الدولي، وليس الإسراع في الإدعاءات أن ما جرى من تسوية هو نتاج لتقاطع مصالح إقليمية ودولية، أو بوادر لمفاوضات إيرانية أميركية، إلا إسقاط الكامل لمنطق هذه المنظومة، في محاولات لشيطنة التحركات بينما هي التي تقترف أفعال الشيطنة، والتسابق للحصول على الرضى الأميركي. وربما هذا الكلام وحده يجب أن يكون كفيلاً في إنزال الناس إلى الساحات لرفض هذا النوع من التسويات المنسوج بتدخلات خارجية وتقاطع مصالح إقليمية.
يسارع دياب إلى تشكيل حكومته، وهي ستكون صورياً حكومة مصغرة ومشكلة من اختصاصيين. لكن القرار السياسي فيها واضح أنه خارجها وفوقها، وبلا أي برنامج واضح للخروج من الأزمة الاقتصادية الاجتماعية ، وسط أوهام تتعايش على أن المساعدات المالية الخارجية ستأتي سريعاً فور تشكيلها وذلك بهدف إشغال اللبنانيين وإلهائهم.. وخداعهم. ثمة حفلة تكاذب ومكابرة هائلة تقودها القوى السياسية للإنقلاب على الناس وخياراتهم. والهدف الأبعد، يبقى في إعادة إنتاج تركيبة جديدة خلال هذه الفترة الانتقالية بين القوى التي تدّعي خروجاً من المشهد الحكومي حالياً، والعودة لاحقاً بعد "مصالحات" إلى مقدمة المشهد.*