أبو العلاء المعري شاعراً وفيلسوفاً في ساحة الثقافة واللغة بسوق عكاظ

08-22-2019 05:29 مساءً
0
0
الشبكة الإعلامية السعودية _الطائف_ انطلقت أمس فعاليات البرنامج الثقافي لسوق عكاظ، الذي تنظمه جامعة الطائف في ساحة الثقافة واللغة بمقر السوق، بندوة عن "أبو العلاء المعري: فيلسوف الشعر.. وشاعر الفلاسفة"، بمشاركة كل من الدكتور نبيل الحيدري، والدكتورة كاميليا عبدالفتاح، والدكتور عبدالله إبراهيم الزهراني، والدكتورة بسمة عروس.
وتلت الجلسة الأولى أمسية شعرية شارك فيها خمسة شعراء وشاعرات، من بينهم الفائز بلقب شاعر عكاظ محمد إبراهيم يعقوب.
وبدأت الندوة الأولى التي أدارها الدكتور طلال الثقفي، بورقة قدمها الدكتور نبيل الحيدري عن التسامح عند أبي العلاء المعري، مشيراً إلى أن المعري عرف بشدة ذكائه وفرط ذاكرته وتوقّد خواطره، ونظم الشعر وهو في سن 11 عاماً، كما درس الأدب والتاريخ والفقه والأديان الإبراهيمية الثلاث والمجوسية والهندية والمذاهب المختلفة، وصاغها في أدبه وشعره ورسائله وأفكاره.
وأشار إلى أن المعري عُدَّ فيلسوفاً حكيما مفكرا ناقدا مجدداً، ودعي إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية بعد محنته من أمير حلب واتهامه بالزندقة بسبب آرائه حول الدين والتشكيك بما يظن من حقائق، فرحل إلى بغداد لأنها كانت مدينة العلم ودار الخلافة وحاضرة الإسلام ومركز الحضارة وتلاقح الفكر وملتقى الأشراف والتجار والأدباء والمثقفين، وكان وجوده فيها سبباً في الكثير من الاحداث والمنازلات الأدبية والدينية والمذهبية والفلسفية والفكرية في جو المدينة المشحون أصلاً بشتى المدارس والنزعات الادبية والعقائد الدينية والتيارات الفكرية.
ووصف المعري بالأبعد نظراً بين أبناء جيله، تمايز عنهم بحكمة وفلسفة ونقد، فخرق الحجب وتجاوز المحرم وأباح الممنوع، ووصل إلى معدن المعرفة وأساسها العقل، وهو يقول "لا إمام سوى العقل"، موصيا أن يكتب على قبره "هذا جناه أبي على وما جنيت على أحد"، لتكون وصيته خالدة للأجيال مثيرة جدلا مستمرا كما أثاره في حياته.
بدورها، تناولت الدكتورة كاميليا عبدالفتاح، في ورقتها "درعيات" أبي العلاء المعري، وتقول إن الدرع هي الأسطورة التي استطاع المعري أن يخلقها، وأن يبني من خلالها معادلاً فنياً لذاته، لحياته، بكل ما تتصف به هذه الذات وهذه الحياة من خصوصية، وتفرد ثري موح؛ إذ وصف المعري في كثير من القصائد التي عرفت بـ"الدرعيات"، والتي تثير انتباه النقد بكثرتها من جهة، وبطبيعة الوصف فيها من جهة أخرى، والأهم – برأيها – أنها تثير النقد بما تتصف به من تفرد الطرح الفني، وبما تحمل من دلالات شديدة الاتصال بالعالم النفسي والفكري للمعري.
وعدّت الدكتورة عبدالفتاح "الدرعيات" عالماً فنياً قائماً بذاته، و"أسطورة الشاعر" التي استطاع نحتها من تجربته الحياتية المميزة، ومن رؤيته الفكرية المتفردة للوجود الإنساني، بما يظهر شخصانية أبي العلاء المعري المبدعة.
وقالت إنها تخالف، بدراسة غير مسبوقة، رأي عميد الشعر العربي طه حسين حول "الدرعيات"، فهو لم ير فيها إلا حرصاً من أبي العلاء المعري على وصف الدرع وأنه قادر على الوصف على رغم فقدانه البصر، بينما ترى أنها تجاوزت ذلك لتصبح "أسطورة" خلقها المعري فنياً من أجل التدرع والتصدي للمجتمع وعوامل الاغتراب التي عاشها نتيجة كف البصر وعوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية، فضلاً عن عزلته الفكرية، وعدم قدرة الكثير من معاصريه على فهمه واتهامهم له بالزندقة، ورأى بالدرع وقاية ونجاة وعالماً كفيلاً باحتواء فكره الجديد، وكأنه أصبح في "مونولج داخلي" من خلال "الدرعيات".
وأشارت إلى أن المعري لم يتصد للدرعيات فقط باعتبارها معادل فني لاغترابه أو لذاته المغتربة، بل تصدى للغة لا باعتبارها مفردة، وإنما باعتبارها شخوصاً حية، إذ رأى ذاته واستطاع أن يعبر عن نفسه من خلال اللغة واتخذها "شرنقة" وعالماً ترميزياً، كما لجأ للمهجور الوحشي من اللغة، أي المفردات التي تحوج قارئها إلى القاموس أو المعجم، وتضيف: "المهجور من اللغة يشبه الإنسان المغترب، ولذلك يوجد انسجام بين لجوئه إلى الوحشي المهجور من اللغة ولزومه ما لا يلزم في الحياة الإنسانية، بالتزامه العزلة لمدة 40 عاماً منذ وفاة والدته وهو في سن الأربعين حتى وفاته في الثمانين، والزهد في الأكل والمشرب والعيش بقسوة وصرامة.
وخلصت إلى أن التزام المعري في القافية وحروف الروي بما لا يلزم يعد صورة فنية منسجمة مع حياته وتشبهها، والتزامه بالمهجور الوحشي من اللغة يعد نوعاً من الانعكاس أو الاسقاط على ذاته، ونوعاً من أنوع الانسجام مع حياته التي يعيش فيها مع المهجور الوحشي وكأنه هو نفسه يعيش كوحش حيوان في عزلة وشرنقة.
وتلت الجلسة الأولى أمسية شعرية شارك فيها خمسة شعراء وشاعرات، من بينهم الفائز بلقب شاعر عكاظ محمد إبراهيم يعقوب.
وبدأت الندوة الأولى التي أدارها الدكتور طلال الثقفي، بورقة قدمها الدكتور نبيل الحيدري عن التسامح عند أبي العلاء المعري، مشيراً إلى أن المعري عرف بشدة ذكائه وفرط ذاكرته وتوقّد خواطره، ونظم الشعر وهو في سن 11 عاماً، كما درس الأدب والتاريخ والفقه والأديان الإبراهيمية الثلاث والمجوسية والهندية والمذاهب المختلفة، وصاغها في أدبه وشعره ورسائله وأفكاره.
وأشار إلى أن المعري عُدَّ فيلسوفاً حكيما مفكرا ناقدا مجدداً، ودعي إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية بعد محنته من أمير حلب واتهامه بالزندقة بسبب آرائه حول الدين والتشكيك بما يظن من حقائق، فرحل إلى بغداد لأنها كانت مدينة العلم ودار الخلافة وحاضرة الإسلام ومركز الحضارة وتلاقح الفكر وملتقى الأشراف والتجار والأدباء والمثقفين، وكان وجوده فيها سبباً في الكثير من الاحداث والمنازلات الأدبية والدينية والمذهبية والفلسفية والفكرية في جو المدينة المشحون أصلاً بشتى المدارس والنزعات الادبية والعقائد الدينية والتيارات الفكرية.
ووصف المعري بالأبعد نظراً بين أبناء جيله، تمايز عنهم بحكمة وفلسفة ونقد، فخرق الحجب وتجاوز المحرم وأباح الممنوع، ووصل إلى معدن المعرفة وأساسها العقل، وهو يقول "لا إمام سوى العقل"، موصيا أن يكتب على قبره "هذا جناه أبي على وما جنيت على أحد"، لتكون وصيته خالدة للأجيال مثيرة جدلا مستمرا كما أثاره في حياته.
بدورها، تناولت الدكتورة كاميليا عبدالفتاح، في ورقتها "درعيات" أبي العلاء المعري، وتقول إن الدرع هي الأسطورة التي استطاع المعري أن يخلقها، وأن يبني من خلالها معادلاً فنياً لذاته، لحياته، بكل ما تتصف به هذه الذات وهذه الحياة من خصوصية، وتفرد ثري موح؛ إذ وصف المعري في كثير من القصائد التي عرفت بـ"الدرعيات"، والتي تثير انتباه النقد بكثرتها من جهة، وبطبيعة الوصف فيها من جهة أخرى، والأهم – برأيها – أنها تثير النقد بما تتصف به من تفرد الطرح الفني، وبما تحمل من دلالات شديدة الاتصال بالعالم النفسي والفكري للمعري.
وعدّت الدكتورة عبدالفتاح "الدرعيات" عالماً فنياً قائماً بذاته، و"أسطورة الشاعر" التي استطاع نحتها من تجربته الحياتية المميزة، ومن رؤيته الفكرية المتفردة للوجود الإنساني، بما يظهر شخصانية أبي العلاء المعري المبدعة.
وقالت إنها تخالف، بدراسة غير مسبوقة، رأي عميد الشعر العربي طه حسين حول "الدرعيات"، فهو لم ير فيها إلا حرصاً من أبي العلاء المعري على وصف الدرع وأنه قادر على الوصف على رغم فقدانه البصر، بينما ترى أنها تجاوزت ذلك لتصبح "أسطورة" خلقها المعري فنياً من أجل التدرع والتصدي للمجتمع وعوامل الاغتراب التي عاشها نتيجة كف البصر وعوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية، فضلاً عن عزلته الفكرية، وعدم قدرة الكثير من معاصريه على فهمه واتهامهم له بالزندقة، ورأى بالدرع وقاية ونجاة وعالماً كفيلاً باحتواء فكره الجديد، وكأنه أصبح في "مونولج داخلي" من خلال "الدرعيات".
وأشارت إلى أن المعري لم يتصد للدرعيات فقط باعتبارها معادل فني لاغترابه أو لذاته المغتربة، بل تصدى للغة لا باعتبارها مفردة، وإنما باعتبارها شخوصاً حية، إذ رأى ذاته واستطاع أن يعبر عن نفسه من خلال اللغة واتخذها "شرنقة" وعالماً ترميزياً، كما لجأ للمهجور الوحشي من اللغة، أي المفردات التي تحوج قارئها إلى القاموس أو المعجم، وتضيف: "المهجور من اللغة يشبه الإنسان المغترب، ولذلك يوجد انسجام بين لجوئه إلى الوحشي المهجور من اللغة ولزومه ما لا يلزم في الحياة الإنسانية، بالتزامه العزلة لمدة 40 عاماً منذ وفاة والدته وهو في سن الأربعين حتى وفاته في الثمانين، والزهد في الأكل والمشرب والعيش بقسوة وصرامة.
وخلصت إلى أن التزام المعري في القافية وحروف الروي بما لا يلزم يعد صورة فنية منسجمة مع حياته وتشبهها، والتزامه بالمهجور الوحشي من اللغة يعد نوعاً من الانعكاس أو الاسقاط على ذاته، ونوعاً من أنوع الانسجام مع حياته التي يعيش فيها مع المهجور الوحشي وكأنه هو نفسه يعيش كوحش حيوان في عزلة وشرنقة.