المسرحي البحريني خالد الرويعي يكتب : الحارث فهد بن رده
04-26-2019 09:17 مساءً
0
0
الشبكة الإعلامية السعودية ...........
كتب المسرحي خالد الرويعي من البحرين :
الحارث فهد بن رده ، هل تخيلتم لوهلة أن يكون الاسم على هذه الشاكلة؟!
بالنسبة لي أفهم ذلك كثيراً، وأعني بكثير أني مطمئن لهذه التركيبة الاسمية التي تليق بصديقنا فهد رده الحارثي، ذلك أن فهداً لم يكن ليعنيه شيء في الحياة سوى المسرح. أقول المسرح وليس الكتابة فقط.
ففهد هذا كان باستطاعته أن يعتلي هضبات (الشفا) ويأنس في ملكوته فتغدوا الناس جيئاً ورواحاً عليه. لكنه لم يقبل بهذا المنصب، بل هبط إلى الدنيا وعاش في المسرح، نزل إلى الحياة حيث معترك أبناء آدم وحواء، عاصر قتل قابيل لهابيل ونجا مع طوفان نوح كمخلوق من مخلوقات الله الفريدة. دبر مكيدة مع أخوة يوسف ليكتشف أن الدراما ليست في الطمأنينة بل في التحول ولا أشك بأنه كان صاحب فكرة الدم الذي لطخته أيادي الأخوة على قميص يوسف، فقد رأى فيه ما رأى.
فهد هذا..
عندما تولت النصوص السعودية - تحديداً- شطر التاريخ والنسق الشعبي والرمزي بغية التخفي عن عيون الرقيب شق طريقه باحتفاء لا مثيل له بالرمز.. أقول الرمز وليس الغموض، وراح في لعبة مدهشة لأنسنة هذا الرمز حتى أصبح هذا الفهد إيقونة للمسرح السعودي أو كما أطلق عليه أصدقائه اسم العرّاب.
ولمن لا يعرف العرّاب سيبدو للوهلة الأولى مكتنزاً بالدهشة والغبطة والغيرة أيضا. ترى ماذا فعل هذا الحارث ليكون هكذا واضحاً أمام الجميع على أنه العرّاب؟
منذ (محمد العثيم) - أذكر هذا الرجل لأني أزعم أني كنت قريباً منه في فترة من الفترات - الأستاذ الذي نأنس ويأنس بصحبتنا كان الاشتغال على النص المسرحي - سعودياً - تشوبه نزوة الكتابة، إذ هم قليلون الذين اشتغلوا على النص بجدية ومثابرة.
فهد هذا..
فعل ذلك وعكف على اكتشاف لغته المسرحية بمساره الذي اختطه لنفسه، ذهب للأفكار المستحيلة وحولها إلى أشخاص، استنطق اللاشيء من أجل اكتشاف الممكن وجعل من السرد يتسابق مع المونولوج في معركة اثبات وجود.
أما لماذا العراب فوجدتني منهمكاً في تبيان هذا الاسم على شخصية فهد ومن حوله لأني اُكبر في هذه الكلمة حجمها وحجم تبعاتها من مريدين ومسئولية مجازية أمام هذا المستقبل الغامض.
فهدٌ هذا..
وضع يده مع الرفاق في تأسيس مشروع نادر الحدوث ونادر الفكرة، أقول نادراً ليس انتقاصاً بل إمعاناً في تجذير الطموح الذي من المرجح أن ينساب سريعاً من بين أيدينا. هذا المشروع باستطاعتك أن تراه معلقاً كوثيقة عهد بجمعية الثقافة والفنون بالطائف .
ذات يوم من أيام التسعينيات الماضية (١٩٩٢)، وكان لم يمضي على تأسيس فرقتنا الصواري سوى عام واحد سمعنا بـ“ورشة العمل المسرحي بالطائف“، ثم بعدها بسنوات بسيطة جداً شاهدنا نتاجها من عروض مسرحية، بالتأكيد كانت مختلفة لكن هل كانت لتجذب انتباهاً؟ حينها كان المسرح السعودي على مفترق طريق وعر أيضاً ، التحديات الاجتماعية والسياسية وتحديات النظرة الدونية للمسرح السعودي هل قلت ”دونية“؟
نعم ”دونية“ لأني عشتها على الأقل وكنت أراها في عيون الجلادين والضحايا، الجلادون الذين لا يجدون في السعودية سوى قافلة من الإبل تتربع على براميل لا نهائية من البترول، فأي حق لهؤلاء أن ينتجوا مسرحاً!
ورغم كل ذلك يشتد عود الورشة وتمضي في عملها ويكبر معها الأصدقاء وتكبر الطموحات والأحلام .
وفهدٌ هذا في المعترك مع الرفاق وليس تحت وثارة المطر وعبق الطين الطائفي.
فهدٌ هذا..
كان ينحت مع الاصدقاء من مخرجين وممثليين وفنيين مستقبلاً كان على الدوام عرضة للانهيار لكنهم ”جابوا الصخر بالواد“.
حينها فقط..
وبهذا الارث ستعرف لماذا - وبوازع الحب والامتنان أيضا - سُمي هذا (الفهد) بالعرّاب.
تحية لهذا الصديق الذي لا يضل الطريق
كتب المسرحي خالد الرويعي من البحرين :
الحارث فهد بن رده ، هل تخيلتم لوهلة أن يكون الاسم على هذه الشاكلة؟!
بالنسبة لي أفهم ذلك كثيراً، وأعني بكثير أني مطمئن لهذه التركيبة الاسمية التي تليق بصديقنا فهد رده الحارثي، ذلك أن فهداً لم يكن ليعنيه شيء في الحياة سوى المسرح. أقول المسرح وليس الكتابة فقط.
ففهد هذا كان باستطاعته أن يعتلي هضبات (الشفا) ويأنس في ملكوته فتغدوا الناس جيئاً ورواحاً عليه. لكنه لم يقبل بهذا المنصب، بل هبط إلى الدنيا وعاش في المسرح، نزل إلى الحياة حيث معترك أبناء آدم وحواء، عاصر قتل قابيل لهابيل ونجا مع طوفان نوح كمخلوق من مخلوقات الله الفريدة. دبر مكيدة مع أخوة يوسف ليكتشف أن الدراما ليست في الطمأنينة بل في التحول ولا أشك بأنه كان صاحب فكرة الدم الذي لطخته أيادي الأخوة على قميص يوسف، فقد رأى فيه ما رأى.
فهد هذا..
عندما تولت النصوص السعودية - تحديداً- شطر التاريخ والنسق الشعبي والرمزي بغية التخفي عن عيون الرقيب شق طريقه باحتفاء لا مثيل له بالرمز.. أقول الرمز وليس الغموض، وراح في لعبة مدهشة لأنسنة هذا الرمز حتى أصبح هذا الفهد إيقونة للمسرح السعودي أو كما أطلق عليه أصدقائه اسم العرّاب.
ولمن لا يعرف العرّاب سيبدو للوهلة الأولى مكتنزاً بالدهشة والغبطة والغيرة أيضا. ترى ماذا فعل هذا الحارث ليكون هكذا واضحاً أمام الجميع على أنه العرّاب؟
منذ (محمد العثيم) - أذكر هذا الرجل لأني أزعم أني كنت قريباً منه في فترة من الفترات - الأستاذ الذي نأنس ويأنس بصحبتنا كان الاشتغال على النص المسرحي - سعودياً - تشوبه نزوة الكتابة، إذ هم قليلون الذين اشتغلوا على النص بجدية ومثابرة.
فهد هذا..
فعل ذلك وعكف على اكتشاف لغته المسرحية بمساره الذي اختطه لنفسه، ذهب للأفكار المستحيلة وحولها إلى أشخاص، استنطق اللاشيء من أجل اكتشاف الممكن وجعل من السرد يتسابق مع المونولوج في معركة اثبات وجود.
أما لماذا العراب فوجدتني منهمكاً في تبيان هذا الاسم على شخصية فهد ومن حوله لأني اُكبر في هذه الكلمة حجمها وحجم تبعاتها من مريدين ومسئولية مجازية أمام هذا المستقبل الغامض.
فهدٌ هذا..
وضع يده مع الرفاق في تأسيس مشروع نادر الحدوث ونادر الفكرة، أقول نادراً ليس انتقاصاً بل إمعاناً في تجذير الطموح الذي من المرجح أن ينساب سريعاً من بين أيدينا. هذا المشروع باستطاعتك أن تراه معلقاً كوثيقة عهد بجمعية الثقافة والفنون بالطائف .
ذات يوم من أيام التسعينيات الماضية (١٩٩٢)، وكان لم يمضي على تأسيس فرقتنا الصواري سوى عام واحد سمعنا بـ“ورشة العمل المسرحي بالطائف“، ثم بعدها بسنوات بسيطة جداً شاهدنا نتاجها من عروض مسرحية، بالتأكيد كانت مختلفة لكن هل كانت لتجذب انتباهاً؟ حينها كان المسرح السعودي على مفترق طريق وعر أيضاً ، التحديات الاجتماعية والسياسية وتحديات النظرة الدونية للمسرح السعودي هل قلت ”دونية“؟
نعم ”دونية“ لأني عشتها على الأقل وكنت أراها في عيون الجلادين والضحايا، الجلادون الذين لا يجدون في السعودية سوى قافلة من الإبل تتربع على براميل لا نهائية من البترول، فأي حق لهؤلاء أن ينتجوا مسرحاً!
ورغم كل ذلك يشتد عود الورشة وتمضي في عملها ويكبر معها الأصدقاء وتكبر الطموحات والأحلام .
وفهدٌ هذا في المعترك مع الرفاق وليس تحت وثارة المطر وعبق الطين الطائفي.
فهدٌ هذا..
كان ينحت مع الاصدقاء من مخرجين وممثليين وفنيين مستقبلاً كان على الدوام عرضة للانهيار لكنهم ”جابوا الصخر بالواد“.
حينها فقط..
وبهذا الارث ستعرف لماذا - وبوازع الحب والامتنان أيضا - سُمي هذا (الفهد) بالعرّاب.
تحية لهذا الصديق الذي لا يضل الطريق