في كتابه : (التحول في أداء الممثل - كريم خنجر يؤكد أن التحول في أداء الممثل ضرورة عصرية

10-20-2017 04:42 مساءً
0
0
الشبكة الإعلامية السعودية يتحدث كريم خنجر في كتابه الصادر عن دار عدنان للطباعة بالتعاون المركز العراقي للمسرح عام ٢٠١٣ م و المعنون ب( التحول في أداء الممثل ) منطلقاً من نظرية التمثيل التي باتت تركز على حقيقة أن التحولات في ذائقة المتلقي جعلت من التحول أمراً مفروضاً .
حيث على الممثل أن لايكتفي بالتحول من ذاته إلى ذات الشخصية وإنما أصبح لزاماً عليه أن يجري تحولات ثانوية أخرى خلال مسيرة العرض المسرحي تبعاً لتغير المواقف وتبدل المشاعر وتعدد الأفكار وتنوع الأفعال وردودها
ويلقي الضوء من خلال فصوله على مجموعة من العناصر المتعلقة بعملية التحول من حيث التعريف والأهمية والأدوات المستخدمة لإحداث التحول وعلاقات المممثل بمن حوله
وتاثيراتهما في إحداث عملية التحول
يقع الكتاب في ١٦٢ صفحة ، تشغل ٤ فصول الأول خصصه للحديث عن كل مايتعلق بمصطلحي الأداء والتحول
وبعض النظريات التي تتحدث عنهما مثل نظرية بريخت ، كوكلان ، ستانسلافيسكي
أما الفصل الثاني فتحدث فيه عن أدوات التحول ( التعبير بالصوت وبالجسم والايقاع) .
فيما خصص الفصل الثالث للحديث عن علاقة الممثل بالمؤلف والمخرج وتأثيرهما في عمليات التحول
ويختم الكتاب بفصل رابع وأخير
جعل من هذا الكتاب - في تقديري - بحثاً عملياً ودرساً تطبيقياً في تحول أداء الممثل حيث اختار اثنين من الممثلين المسرحيين ودرس تحولات أداءاتهم عند تمثيلهم بعض الأدوار في عدد من الأعمال المسرحية مع لقاءات معهما بغرض معرفة مدى التطور في أداءهما لشخصياتهم الدرامية خلال تجربتهما الفنية الطويلة .
في الفصل الأول من الكتاب يركز خنجر على جملة من القضايا المتعلقة بالأداء والتحول أوجزها في عدة نقاط:
*ـ يرى (خنجر ) أنه ليس من السهولة على الباحث أن يقوّم أداء الممثل ولا أن يلتقط بيسر وسهولة مواضع التحولات في أدائه
ويعزو ذلك لجملة أسباب تتلخص في :
- صعوبة التفريق بين ذات الممثل وذات الشخصية
- زوال واقع التمثيل الحي مع انتهاء العرض وتغير الأداء في كل عرض
- عدم اختيار الممثل لزمان ومكان العرض مما يفرض تقنيات تناسب الزمان والمكان لأن جهة الانتاج تحدد ذلك
- مزاجية الممثل وتأثره بما يحدث حوله
- ميل الممثل إلى الاستعراض لأنه يعتقد أنه بالاستعراض يكون أكثر تأثيراً في نفوس وعقول المتفرجين مما لوكان صادق الأداء .
وكذلك فهو يرى مايلي:
*ـ مهمة الممثل في الوقت الحاضر مزدوجة في أداءه حيث لابد أن يكون موضوعياً وذاتياً في آن واحد
ويفسر ذلك بأن الذاتية تتحقق حين يحاكي الممثل مواقف ومشاعر الشخصية الدرامية وانفعالاتها وعواطفها وأفعالها ، بمعنى ( أن الممثل يعيش الدور ويمثله ولكن بقدر من الموضوعية عبر السيطرة على جسمه وصوته ) بحيث لاينحرف مع عواطفه الشخصية والمحافظة على فرديته وأن يعي الممثل كونه يقف فوق خشبة المسرح أمام جمهور من المتفرجين ويؤدي دوره وفقاً لما أسماه الباحث ( شروط المسرح ) مشيراً إلى نقطة بالغة الأهمية هي : (أن مهمة الممثل مزدوجة فعليه أن يكون هو نفسه وعليه أن يبدو شخصاً آخر
وأن يخفي ذاته وكينونته تحت ذات وكينونة الشخصية المؤداة وأن يوازن بين التظاهر والكينونة
يبرز المؤلف عبارة ( جورج سكوت) :
"لكي تكون ممثلاً يجب أن تنشطر إلى ثلاثة أقسام ، الأول هو الكائن البشري ، الثاني هو الشخصية * الثالث هو الشخصية التي تراقب الشخصية الثانية وتحكم على سلوكها وتصرفاتها "
*ـ يشير خنجر إلى ان هناك نظامين أساسيين لفن التمثيل هما : النظام الفرنسي أو مايعرف ب(التقني) والذي يعتمد على المظهر الخارجي للمثل وتحولاته
والنظام الروسي ( النفسي) الذي يعتمد على تحريك الحياة الداخلية للشخصيات لإحداث تحولات الأداء مورداً نماذج لمخرجين عراقيين عملوا مستنجدين بتقنيات المدرستين .
وفي موضوع الذات يشير (الباحث ) إلى
مفهوم الذات علمياً كماوردت في الفكر الانساني مستعرضاً ماتناوله سقراط وارسطو وافلاطون في الذات البشرية وطبيعتها حين اعتبرت رأس المعارف الانسانية وأنها أشرف مراتب البدن
وأنها حقيقته وكماله .
كما يشير إلى الذات في المنظور الديني المسيحي من خلال ثنائية الروح والجسد
ولم يفته أن يستشهد بكثافة حضور الذات في القرآن الكريم حيث وردت ( ٢٩٥ ) مرة بصيغ متباينة وتحولاتها المختلفة ( لوامة مطمئنة بصيرة وأمارة بالسوء ) وانعكاسات النور الإلهي داخل النفس الانسانية ومكانة النفس وعلاقتها بالعقل مستشهداً بالايات القرانية التي تدل على ذلك ومعرجا على أهمية معرفة النفس باعتبارها طريق معرفة الانسان بالخالق .
ويورد مقولات تراثية إسلامية تتحدث عنها على غرار قول الرسول الكريم ( ماهلك امرؤ عرف قدر نفسه) ومقولة سيدنا علي؛ التي تشير إلى أن معرفة النفس أنفع المارف
ثم يقارب المؤلف مفهوم (الذات مسرحياً ) مبيناً أنها بالنسبة للممثل جوهر العملية الفنية فهي التي يستطيع من خلالها أن يقدم الشخصيات التي يمثلها والتي هي غير ذاته الحقيقية ويستعين بعدد من الأمثلة الشهيرة منها ( عبدالله غيث ) في شخصية (حمزة) في فيلم (الرسالة)
و(هوفمان) في شخصية ( مجنون) في فيلم (رجل المطر )
و(خليل شوقي) في شخصية (قادر بيك) في مسلسل (النسر وعيون المدينة)
حيث لكل شخصية ذاتها الخاصة ولكل ممثل ذاته الخاصة به .
ويشدد المؤلف على أهمية أن يأخذ الممثل على عاتقه البحث عن الذات الأخرى لكي يستطيع إقناع المشاهد أنه ليس هو الذي يظهر أمامهم بل الشخصية المؤداة .
كما يخلص (خنجر) إلى مجموعة من الحقائق منها :
@- الذات والشخصية متلازمتان في علم النفس
@- أن التمثيل رحلة لاكتشاف الذات
@- أن التمثيل وسيلة لاكتشاف الأوضاع ، الحالات ، الاحتمالات ، الناس ، الشخصيات القريبة إلى نفس الممثل
@- أن التمثيل طريقة لاختبار أولئك الأفراد المختلفين وحالاتهم
@- أن التمثيل يمكن الممثل من التكثيف والنمو للكائن البسري
@- أن الشخصية مبحث مهم لكتاب الدراما والمنظرين للشخصيات الدرامية
@- أن الشخصيات عند النقاد ؛
شخصية منبسطة لها وجه واحد يعطي مظهراً واحد اً( الحلاق - الثرثار)
والشخصية الكروية: وهي تلك الشخصيات المتعددة المظاهر وسلوكها غير متوقع
@- عملية التحول من ذات الممثل إلى ذات الشخصية ليست من ابتداع الممثلون في هذا العصر بل انها تمارس منذ القدم في الأعياد والاحتفالات والطقوس الدينية
@- أن مايميز مهنة التمثيل هو أن الممثل مادته نفسه عكس الفنون الآخرى حيث الاداة ترافق الفنان دائماً
@- أن الممثل يجب أن تتوفر لديه أنا خالقة وآخرى تحل محل الأنا.
يشير المؤلف إلى أن التحول وفق توجهات ( كوكلان) يحدث عن طريق التغلغل للشخصية بالقراءة المتأنية والمتكررة للوصول إلى مقاصد المؤلف
لكن كوكلان يضيف إلى القراءة (مخيلة الممثل ) حيث يلتقط منها النموذج المراد تقديمه ويرى منها الزي الذي ترتديه ومشيتها وسماتها وإفعالها فيقلدها جميعاً
ويورد واحدة من ابرز توصيات كوكلان بخصوص التحول في الأداء للمثل :
( ادرسوا شخصياتكم أدخلوا في الشخصية التي تصورونها ، لكن وأنتم تدخلون فيه لاتنسلخوا من أنفسكم حافظوا على القيادة في أيديكم دعوا أناكم الثانية تضحك أو تبكي دعوها تحترم إلى درجة الجنون تتألم حتى الموت ، ولكن على أن يتم ذلك تحت مراقبة ( الأنا) الأولى المتماسكة )
وهذا يعني عند كولان ( الابتعاد عن الاندماج الكامل أثناء عملية التحول)
أما في استعراض (خنجر) لنظرة ستانسلافسكي في عملية التحول نحو الشخصية فيشير إلى أنه - أي ستانفلافسكي - اتبع مع ممثليه طريقة بناء الذات الافتراضية للشخصية المؤداة
حيث يركز على التخلي عن الذات الأولى
لتحل محلها الذات الثانية (ذات الشخصية ) حيث خلق الشخصية والاندماج فيها هو جوهر المسرح عند ستانسلافسكي
فضلاً عن اقتراحه الشهير والمتعارف عليه ( لو ستانسلافسكي ) أو مايعرف ب( لو السحرية ) من اجل الدخول الكامل في لبوس الشخصية
ولايفوت( خنجر )في حديثه عن التحول الإشارة إلى (بريخت ) والذي لايؤمن بالتحول الكامل ولا الاندماج مع الشخصية عاطفياً
رافضاً مبدأ ( التمثيل إيمان) والتركيز على أن على الممثل أن يتذكر أنه لايرينا الشخصية بل يروي قصتها
وأنه يرينا الشخصية في موقف التناقض الفكري والاجتماعي حتى يترك للمتفرج مجالاً للنقد والتحليل حيث الشخصية عند بريخت ليست فرداً بل ( ظاهرة تاريخية)
ويستحضر ( خنجر) في حديثة عن التعبير بالجسد ومايتوجب على الممثل عند أداء شخصية( احدب نوتردام) كمثال حيث عليه أن يتعرف على مظهرها الخارجي وطريقة حياتها وحدود حركته وايقاعها وانعكاس التشوه الجسماني على الحياة الداخلية لتلك الشخصية
وذلك عن طريق التخمين والافتراض لاستحالة الملاحظة المباشرة
مستعرضاً المخرجين الذين وجدوا في الجسد ضالتهم مثل ( فيزفولد فيرهولد ) الذي اعتمد تقنية البايو ميكانيكا التي تركز على حركة أعضاء الجسد ووظائفها وكيفية استخدامها في مجال التمثيل المسرحي
ويرى في اتجاه (أرتو ) العلامة الفارقة وبداية الطريق لمناهضة اللغة الكلامية
واستبدالها بشعر الفراغ المسرحي وشعر الجسد الانساني المعبر ( فنون حركية ، رقص ، تشكيلات مختلفة)
ويعرج على تقنيات ( بيتربروك) الذي اهتم بديناميكية الحركة الجسدية كوسيلة لجهل ماهو غير مرئي مرئياً كون الممثل عند بروك مصدراً للإشارات الطبيعية وبالتالي تنمية قدرات الممثل الجسدية والاعتماد على الجسد في التعبير والانفعالات الداخلية معتبراً أنه بحركة الجسد التسكيلية تتأكد الدلالة ويستكمل المعنى
وفي مجال التعبير بالصوت كاداة للتحول
يستنجد المؤلف بحكاية اوردها ( سمايلي) عن ممثل قديم بمسرح (ستانسلا فسكي ) يقول فيها :
ان المخرج كان يطلب منه خلال التدريبات أن يستخرج أربعين رسالة صوتية مختلفة من عبارة واحدة هي( هذا المساء) بواسطة التلوين الصوتي والتعبيرات المختلفة للوجه لإنتاج اصوات لينة وساكنة ومجهورة ومهموسة وانفجارية واحتكاكية واصوات وسطية .
ويختم الفصل الثاني بمقولة الفصل
التي تؤكد( أن التحول من ذات الممثل إلى ذات الشخصية تتم عبر المتغيرات في التعبير الجسماني والتعبير الصوتي وعبر المتغيرين الحركي أوالايقاع الصوتي والمتغير السلوكي ولايستطيع الممثل التحول إلا إذا تبناه عن إيمان كامل)
ويرى خنجر أن علاقة الممثل بالمؤلف تقوم على أن اسلوب كتابة المسرحية ينعكس على أداء الممثل وعامل مهم في عملية التحول عبر الإرشادات المكتوبة او استنتاجها من قبل الممثل ويرى أن (الكلمات هي للمؤلف وماتحت النص للمثل )
أما المخرج فيصفه بأنه من يمهد الطريق للممثل لكي يسير في عملية التحول من ذاته إلى ذات الشخصية عبر الايحاء والارشاد المباشر وورش القراءة والتمارين
فوق الخشبة مبرزاً أهمية الثقة بين المخرج والممثل وإيمان الممثل بقدرات المخرج والعكس
اما العينات التي استعان بها المؤلف لتطبيق بحثه في الفصل الرابع والأخير فكانت لممثلين عراقيين
هما ( سامي قفطان) و( شذى سالم )
واخضع ادائهما للتحليل في ثلاث مسرحيات
في مراحل متتالية ( الثمانينات التسعينات الألفية) معللا اختيارهما بأن سامي مارس المهنة اعتماداً على مواهبه وإمكاناته دون المرور بالدراسة الاكاديمية فيما شذى سالم تدربت عبر مراحل الدراسة الاكاديمية
وكان عبر أسلوبي (الملاحظة والمقابلة) يبحث في تأثير الدراسة على مديات التحول في الاداء بينهما ومقارنة تأثير الدراسة من عدمها في عملية التحول
وهذا الفصل شيق وثري وعملي
وقد حلل أداء كل ممثل منطلقاً من تقديم سيرته الذاتية
وأبعاد شخصيته ( عضويا وجسمانيا واجتماعياً ونفسياً وسلوكياً )؟
وتحولات أداءهما في الأعمال الثلاثة
سواء التحولات الأساسية ( جسد صوت سلوك) أو التحولات الثانوية
( التلصص الغناء الاستفزاز الانفعال التفاخر التذكر المعاناة الذهول الانكار الاعتراف التذمر الاستنجاد الخيبة
التحول من شخصية الى اخرى وتمثيل ادوار كثيرة ( المظلوم المتفائل القروية الوطني الثائر الفنان الموهوب العجوز الراوية الفتاة الساحرة ) ويرصد التغيرات المختلفة اثناء التحول من شخصية إلى أخرى .
تلخيص : ناصر بن محمد العُمري - كاتب مسرحي

حيث على الممثل أن لايكتفي بالتحول من ذاته إلى ذات الشخصية وإنما أصبح لزاماً عليه أن يجري تحولات ثانوية أخرى خلال مسيرة العرض المسرحي تبعاً لتغير المواقف وتبدل المشاعر وتعدد الأفكار وتنوع الأفعال وردودها
ويلقي الضوء من خلال فصوله على مجموعة من العناصر المتعلقة بعملية التحول من حيث التعريف والأهمية والأدوات المستخدمة لإحداث التحول وعلاقات المممثل بمن حوله
وتاثيراتهما في إحداث عملية التحول
يقع الكتاب في ١٦٢ صفحة ، تشغل ٤ فصول الأول خصصه للحديث عن كل مايتعلق بمصطلحي الأداء والتحول
وبعض النظريات التي تتحدث عنهما مثل نظرية بريخت ، كوكلان ، ستانسلافيسكي
أما الفصل الثاني فتحدث فيه عن أدوات التحول ( التعبير بالصوت وبالجسم والايقاع) .
فيما خصص الفصل الثالث للحديث عن علاقة الممثل بالمؤلف والمخرج وتأثيرهما في عمليات التحول
ويختم الكتاب بفصل رابع وأخير
جعل من هذا الكتاب - في تقديري - بحثاً عملياً ودرساً تطبيقياً في تحول أداء الممثل حيث اختار اثنين من الممثلين المسرحيين ودرس تحولات أداءاتهم عند تمثيلهم بعض الأدوار في عدد من الأعمال المسرحية مع لقاءات معهما بغرض معرفة مدى التطور في أداءهما لشخصياتهم الدرامية خلال تجربتهما الفنية الطويلة .
في الفصل الأول من الكتاب يركز خنجر على جملة من القضايا المتعلقة بالأداء والتحول أوجزها في عدة نقاط:
*ـ يرى (خنجر ) أنه ليس من السهولة على الباحث أن يقوّم أداء الممثل ولا أن يلتقط بيسر وسهولة مواضع التحولات في أدائه
ويعزو ذلك لجملة أسباب تتلخص في :
- صعوبة التفريق بين ذات الممثل وذات الشخصية
- زوال واقع التمثيل الحي مع انتهاء العرض وتغير الأداء في كل عرض
- عدم اختيار الممثل لزمان ومكان العرض مما يفرض تقنيات تناسب الزمان والمكان لأن جهة الانتاج تحدد ذلك
- مزاجية الممثل وتأثره بما يحدث حوله
- ميل الممثل إلى الاستعراض لأنه يعتقد أنه بالاستعراض يكون أكثر تأثيراً في نفوس وعقول المتفرجين مما لوكان صادق الأداء .
وكذلك فهو يرى مايلي:
*ـ مهمة الممثل في الوقت الحاضر مزدوجة في أداءه حيث لابد أن يكون موضوعياً وذاتياً في آن واحد
ويفسر ذلك بأن الذاتية تتحقق حين يحاكي الممثل مواقف ومشاعر الشخصية الدرامية وانفعالاتها وعواطفها وأفعالها ، بمعنى ( أن الممثل يعيش الدور ويمثله ولكن بقدر من الموضوعية عبر السيطرة على جسمه وصوته ) بحيث لاينحرف مع عواطفه الشخصية والمحافظة على فرديته وأن يعي الممثل كونه يقف فوق خشبة المسرح أمام جمهور من المتفرجين ويؤدي دوره وفقاً لما أسماه الباحث ( شروط المسرح ) مشيراً إلى نقطة بالغة الأهمية هي : (أن مهمة الممثل مزدوجة فعليه أن يكون هو نفسه وعليه أن يبدو شخصاً آخر
وأن يخفي ذاته وكينونته تحت ذات وكينونة الشخصية المؤداة وأن يوازن بين التظاهر والكينونة
يبرز المؤلف عبارة ( جورج سكوت) :
"لكي تكون ممثلاً يجب أن تنشطر إلى ثلاثة أقسام ، الأول هو الكائن البشري ، الثاني هو الشخصية * الثالث هو الشخصية التي تراقب الشخصية الثانية وتحكم على سلوكها وتصرفاتها "
*ـ يشير خنجر إلى ان هناك نظامين أساسيين لفن التمثيل هما : النظام الفرنسي أو مايعرف ب(التقني) والذي يعتمد على المظهر الخارجي للمثل وتحولاته
والنظام الروسي ( النفسي) الذي يعتمد على تحريك الحياة الداخلية للشخصيات لإحداث تحولات الأداء مورداً نماذج لمخرجين عراقيين عملوا مستنجدين بتقنيات المدرستين .
وفي موضوع الذات يشير (الباحث ) إلى
مفهوم الذات علمياً كماوردت في الفكر الانساني مستعرضاً ماتناوله سقراط وارسطو وافلاطون في الذات البشرية وطبيعتها حين اعتبرت رأس المعارف الانسانية وأنها أشرف مراتب البدن
وأنها حقيقته وكماله .
كما يشير إلى الذات في المنظور الديني المسيحي من خلال ثنائية الروح والجسد
ولم يفته أن يستشهد بكثافة حضور الذات في القرآن الكريم حيث وردت ( ٢٩٥ ) مرة بصيغ متباينة وتحولاتها المختلفة ( لوامة مطمئنة بصيرة وأمارة بالسوء ) وانعكاسات النور الإلهي داخل النفس الانسانية ومكانة النفس وعلاقتها بالعقل مستشهداً بالايات القرانية التي تدل على ذلك ومعرجا على أهمية معرفة النفس باعتبارها طريق معرفة الانسان بالخالق .
ويورد مقولات تراثية إسلامية تتحدث عنها على غرار قول الرسول الكريم ( ماهلك امرؤ عرف قدر نفسه) ومقولة سيدنا علي؛ التي تشير إلى أن معرفة النفس أنفع المارف
ثم يقارب المؤلف مفهوم (الذات مسرحياً ) مبيناً أنها بالنسبة للممثل جوهر العملية الفنية فهي التي يستطيع من خلالها أن يقدم الشخصيات التي يمثلها والتي هي غير ذاته الحقيقية ويستعين بعدد من الأمثلة الشهيرة منها ( عبدالله غيث ) في شخصية (حمزة) في فيلم (الرسالة)
و(هوفمان) في شخصية ( مجنون) في فيلم (رجل المطر )
و(خليل شوقي) في شخصية (قادر بيك) في مسلسل (النسر وعيون المدينة)
حيث لكل شخصية ذاتها الخاصة ولكل ممثل ذاته الخاصة به .
ويشدد المؤلف على أهمية أن يأخذ الممثل على عاتقه البحث عن الذات الأخرى لكي يستطيع إقناع المشاهد أنه ليس هو الذي يظهر أمامهم بل الشخصية المؤداة .
كما يخلص (خنجر) إلى مجموعة من الحقائق منها :
@- الذات والشخصية متلازمتان في علم النفس
@- أن التمثيل رحلة لاكتشاف الذات
@- أن التمثيل وسيلة لاكتشاف الأوضاع ، الحالات ، الاحتمالات ، الناس ، الشخصيات القريبة إلى نفس الممثل
@- أن التمثيل طريقة لاختبار أولئك الأفراد المختلفين وحالاتهم
@- أن التمثيل يمكن الممثل من التكثيف والنمو للكائن البسري
@- أن الشخصية مبحث مهم لكتاب الدراما والمنظرين للشخصيات الدرامية
@- أن الشخصيات عند النقاد ؛
شخصية منبسطة لها وجه واحد يعطي مظهراً واحد اً( الحلاق - الثرثار)
والشخصية الكروية: وهي تلك الشخصيات المتعددة المظاهر وسلوكها غير متوقع
@- عملية التحول من ذات الممثل إلى ذات الشخصية ليست من ابتداع الممثلون في هذا العصر بل انها تمارس منذ القدم في الأعياد والاحتفالات والطقوس الدينية
@- أن مايميز مهنة التمثيل هو أن الممثل مادته نفسه عكس الفنون الآخرى حيث الاداة ترافق الفنان دائماً
@- أن الممثل يجب أن تتوفر لديه أنا خالقة وآخرى تحل محل الأنا.
يشير المؤلف إلى أن التحول وفق توجهات ( كوكلان) يحدث عن طريق التغلغل للشخصية بالقراءة المتأنية والمتكررة للوصول إلى مقاصد المؤلف
لكن كوكلان يضيف إلى القراءة (مخيلة الممثل ) حيث يلتقط منها النموذج المراد تقديمه ويرى منها الزي الذي ترتديه ومشيتها وسماتها وإفعالها فيقلدها جميعاً
ويورد واحدة من ابرز توصيات كوكلان بخصوص التحول في الأداء للمثل :
( ادرسوا شخصياتكم أدخلوا في الشخصية التي تصورونها ، لكن وأنتم تدخلون فيه لاتنسلخوا من أنفسكم حافظوا على القيادة في أيديكم دعوا أناكم الثانية تضحك أو تبكي دعوها تحترم إلى درجة الجنون تتألم حتى الموت ، ولكن على أن يتم ذلك تحت مراقبة ( الأنا) الأولى المتماسكة )
وهذا يعني عند كولان ( الابتعاد عن الاندماج الكامل أثناء عملية التحول)
أما في استعراض (خنجر) لنظرة ستانسلافسكي في عملية التحول نحو الشخصية فيشير إلى أنه - أي ستانفلافسكي - اتبع مع ممثليه طريقة بناء الذات الافتراضية للشخصية المؤداة
حيث يركز على التخلي عن الذات الأولى
لتحل محلها الذات الثانية (ذات الشخصية ) حيث خلق الشخصية والاندماج فيها هو جوهر المسرح عند ستانسلافسكي
فضلاً عن اقتراحه الشهير والمتعارف عليه ( لو ستانسلافسكي ) أو مايعرف ب( لو السحرية ) من اجل الدخول الكامل في لبوس الشخصية
ولايفوت( خنجر )في حديثه عن التحول الإشارة إلى (بريخت ) والذي لايؤمن بالتحول الكامل ولا الاندماج مع الشخصية عاطفياً
رافضاً مبدأ ( التمثيل إيمان) والتركيز على أن على الممثل أن يتذكر أنه لايرينا الشخصية بل يروي قصتها
وأنه يرينا الشخصية في موقف التناقض الفكري والاجتماعي حتى يترك للمتفرج مجالاً للنقد والتحليل حيث الشخصية عند بريخت ليست فرداً بل ( ظاهرة تاريخية)
ويستحضر ( خنجر) في حديثة عن التعبير بالجسد ومايتوجب على الممثل عند أداء شخصية( احدب نوتردام) كمثال حيث عليه أن يتعرف على مظهرها الخارجي وطريقة حياتها وحدود حركته وايقاعها وانعكاس التشوه الجسماني على الحياة الداخلية لتلك الشخصية
وذلك عن طريق التخمين والافتراض لاستحالة الملاحظة المباشرة
مستعرضاً المخرجين الذين وجدوا في الجسد ضالتهم مثل ( فيزفولد فيرهولد ) الذي اعتمد تقنية البايو ميكانيكا التي تركز على حركة أعضاء الجسد ووظائفها وكيفية استخدامها في مجال التمثيل المسرحي
ويرى في اتجاه (أرتو ) العلامة الفارقة وبداية الطريق لمناهضة اللغة الكلامية
واستبدالها بشعر الفراغ المسرحي وشعر الجسد الانساني المعبر ( فنون حركية ، رقص ، تشكيلات مختلفة)
ويعرج على تقنيات ( بيتربروك) الذي اهتم بديناميكية الحركة الجسدية كوسيلة لجهل ماهو غير مرئي مرئياً كون الممثل عند بروك مصدراً للإشارات الطبيعية وبالتالي تنمية قدرات الممثل الجسدية والاعتماد على الجسد في التعبير والانفعالات الداخلية معتبراً أنه بحركة الجسد التسكيلية تتأكد الدلالة ويستكمل المعنى
وفي مجال التعبير بالصوت كاداة للتحول
يستنجد المؤلف بحكاية اوردها ( سمايلي) عن ممثل قديم بمسرح (ستانسلا فسكي ) يقول فيها :
ان المخرج كان يطلب منه خلال التدريبات أن يستخرج أربعين رسالة صوتية مختلفة من عبارة واحدة هي( هذا المساء) بواسطة التلوين الصوتي والتعبيرات المختلفة للوجه لإنتاج اصوات لينة وساكنة ومجهورة ومهموسة وانفجارية واحتكاكية واصوات وسطية .
ويختم الفصل الثاني بمقولة الفصل
التي تؤكد( أن التحول من ذات الممثل إلى ذات الشخصية تتم عبر المتغيرات في التعبير الجسماني والتعبير الصوتي وعبر المتغيرين الحركي أوالايقاع الصوتي والمتغير السلوكي ولايستطيع الممثل التحول إلا إذا تبناه عن إيمان كامل)
ويرى خنجر أن علاقة الممثل بالمؤلف تقوم على أن اسلوب كتابة المسرحية ينعكس على أداء الممثل وعامل مهم في عملية التحول عبر الإرشادات المكتوبة او استنتاجها من قبل الممثل ويرى أن (الكلمات هي للمؤلف وماتحت النص للمثل )
أما المخرج فيصفه بأنه من يمهد الطريق للممثل لكي يسير في عملية التحول من ذاته إلى ذات الشخصية عبر الايحاء والارشاد المباشر وورش القراءة والتمارين
فوق الخشبة مبرزاً أهمية الثقة بين المخرج والممثل وإيمان الممثل بقدرات المخرج والعكس
اما العينات التي استعان بها المؤلف لتطبيق بحثه في الفصل الرابع والأخير فكانت لممثلين عراقيين
هما ( سامي قفطان) و( شذى سالم )
واخضع ادائهما للتحليل في ثلاث مسرحيات
في مراحل متتالية ( الثمانينات التسعينات الألفية) معللا اختيارهما بأن سامي مارس المهنة اعتماداً على مواهبه وإمكاناته دون المرور بالدراسة الاكاديمية فيما شذى سالم تدربت عبر مراحل الدراسة الاكاديمية
وكان عبر أسلوبي (الملاحظة والمقابلة) يبحث في تأثير الدراسة على مديات التحول في الاداء بينهما ومقارنة تأثير الدراسة من عدمها في عملية التحول
وهذا الفصل شيق وثري وعملي
وقد حلل أداء كل ممثل منطلقاً من تقديم سيرته الذاتية
وأبعاد شخصيته ( عضويا وجسمانيا واجتماعياً ونفسياً وسلوكياً )؟
وتحولات أداءهما في الأعمال الثلاثة
سواء التحولات الأساسية ( جسد صوت سلوك) أو التحولات الثانوية
( التلصص الغناء الاستفزاز الانفعال التفاخر التذكر المعاناة الذهول الانكار الاعتراف التذمر الاستنجاد الخيبة
التحول من شخصية الى اخرى وتمثيل ادوار كثيرة ( المظلوم المتفائل القروية الوطني الثائر الفنان الموهوب العجوز الراوية الفتاة الساحرة ) ويرصد التغيرات المختلفة اثناء التحول من شخصية إلى أخرى .
تلخيص : ناصر بن محمد العُمري - كاتب مسرحي
