• ×
الإثنين 25 نوفمبر 2024 | 11-24-2024

الترابط الأسري درعٌ واقٍ من الإدمان *

الترابط الأسري درعٌ واقٍ من الإدمان  
0
0
الشبكة الإعلامية السعودية تتعرض الأسرة في عصرنا الحاضر إلى كثير من التحديات التي تهدد كيانها، وتعصف بتماسكها، وتنخر بجسدها، ولأن الأسرة هي درع واقٍ لكثير من السلوكيات التي تهدد وجود الفرد، ولعلَّ الإدمان على المخدرات من السلوكيات التي أصبحت تؤثر على الفرد والأسرة والمجتمع ككل، فالمخدرات مشكلة طفت على السطح وبدأت خطورتها تشكل قلقاً للجميع ، وقد تكون خطورة المخدرات نابعة من تعدد الأسباب التي تدفع بالأفراد إلى ركوب أمواجها، فبدأت الدراسات تتجه إلى إبراز طرق الوقاية منها والحدِّ من انتشارها، وأخذت وسائل الإعلام على عاتقها الكثير من البرامج التوعوية لإظهار الصور القبيحة للمخدرات سواء على الناحية الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، ومن المعلوم أن أي مشكلة إذا ما أردنا معالجتها والسيطرة عليها، فإن البحث في أسبابها يصبح مطلباً واجباً، حيث أن علاج المشكلة يبدأ من التعرف على جذورها، ولعل الوقاية من حدوث المشكلة هو أهم من علاجها، والمخدرات تحتاج للوقاية أولاً، فتجفيف منابع أسباها يخفف منها أو لعله يقضي عليها تماماً، ومن المعلوم أن تكلفة علاج المخدرات على المستوى المادي مكلف جدا، ويفوق برامج الوقاية منها بأضعاف، لذا من باب أولى أن تشكل الوقاية من المخدرات هدفنا قبل التفكير بالعلاج، ولعل العوامل النفسية التي أراها أحد أهم أسباب اتجاه الأفراد نحو المخدرات، تلك العوامل التي تضع الفرد في جانب الاضطرابات النفسية *التي قد تنتج عن ضغوطات اجتماعية أو ظروف اقتصادية، أو بيئية .

والأسرة هي اللبنة الرئيسة في تكوين شخصية الأبناء، وتشكل مرتكزا لمبادئ سلوكياتهم، وتشكيل ذاتهم، فالأسرة التي تتعرض للتفكك أو النزاعات أو العنف، يضعها ذلك في قمة المؤثرات السلبية على أفرادها ، تسبب شرخا في العلاقات الأسرية، وتبدأ الاضطرابات النفسية تُشكّل فضاءا لهؤلاء الأفراد، ويشعرون بفقدان ذاتهم، وتظهر التشوهات على مكونات شخصياتهم، فيبدؤون بالبحث عن مصادر لبناء ذواتهم وتكوين شخصياتهم بعيدا عن الأسرة المفككة التي لم تعد آمنة بالنسبة لهم، تظهر مجموعة الرفاق، كأداة بديلة لتكوين سلوكيات الأبناء، ويصبح التقليد للرفاق سمة من سمات الأبناء فاقدي الأسرة، كما يصبح أولئك الرفاق مسيطرين على توجيه تلك السلوكيات، وعادة ما يكون التوجيه نحو الأسوأ، فيسحب المتعاطي غيره إلى الإدمان، ويغيب دور الأسرة .

وقد تكون الأسرة مترابطة وعلى توافق لكن الوقوع في خطأ المعاملة الوالدية، حين يتخذ الوالدين أسلوب الديمقراطية المفرطة والتي تتحول إلى فوضى ويصبح الدلال بمنح الأبناء حرية مطلقة في تصرفاتهم، وإعطائهم الكثير المادي الذي يفوق احتياجاتهم، فيتحول المال إلى دافع لدى الأبناء ليجربوا هذا الشيء الجديد، الذين يرون فيه سعادة وراحة نفسية، ليقعوا في دائرة الإدمان .

وربما يكون نمط المعاملة عكسيا بالتشدد في المعاملة ومنع الأبناء من أقل احتياجاتهم مما يعرضهم إلى ضغوط نفسية تدفعهم إلى البحث عن مخرج لتلك الضغوط، يجدون المخدرات أمامهم وخاصة أنها أصبحت منتشرة بشكل ظاهر*
في العموم ، إن بحث الإنسان عن ذاته وعن إظهار شخصيته بالشكل الذي يراه قد يوقعه في المخدرات ، والضعف النفسي في مواجهة المشكلات، ومحاولة الهروب منها باللجوء إلى تلك المخدرات التي يراها أو يسمع عنها أنها هي الحل لجميع المشكلات وهي التي تخرجه من الضغوطات وتضعه على أكف الراحة .

ومن ذلك وجب على المجتمع ككل وعلى الأسرة بشكل خاص الاهتمام بالجوانب النفسية التي تؤثر على أبنائها، وأن تكون المعاملة الوالدية ضمن نطاق "الوسطية" ، والمراقبة للأبناء دون التضييق عليهم، ومعرفة رفاقهم وحثهم على اختيارهم بشكل صحيح.


بقلم / د. الدكتورة ريم الرواشدة -الأردن









______________

جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.