• ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024 | 11-21-2024

سجاد «الحرانية»: غابت المعارض الدولية فتوقف عزف الأنوال الخشبية

سجاد «الحرانية»: غابت المعارض الدولية فتوقف عزف الأنوال الخشبية
0
0
الشبكة الإعلامية السعودية -نوال الحارثي حلم رمسيس ويصا واصف المعمارى المعروف، بإنشاء مدرسة فنية تُنمى الحس الإبداعى والفنى عند الأطفال، فقرر فى نهاية الأربعينيات من القرن الماضى، إنشاء مركز فنى لتعليم الصناعات اليدوية، واختار قرية الحرانية وقتها، بعدما وجد فيها مظاهر الحياة الريفية الأقرب إلى الإحساس الفطرى للفن والجمال، وبدأ بشراء مجموعة من الأنوال الصغيرة وعدد قليل من الخيوط وألوان قليلة ونوعيات خيوط سهلة فى التعامل معها، وقام بتوزيعها على عدد من أطفال القرية الذين بدأت رحلتهم مع واصف فى تعلم نسج السجاد اليدوى على النول، لتصبح «الحرانية» أهم مناطق الإبداع الفنى للسجاد اليدوى فى مصر.

رغم وفاة المعمارى واصف سنة 1974، إلا أن ذلك لم يمنع استكمال حلمه فى خلق أجيال من فنانى النسيج اليدوى من أبناء الحرانية، بعدما تعهدت أسرته بالإشراف على المركز الفنى بالرغم من الصعوبات التى واجهتهم طوال أربعين عاما كاملة.. التقت «المصرى اليوم» بسوزان واصف، ابنة المعمارى الراحل رمسيس واصف، لتحدثنا عن مشروع والدها، وتقول: «كان والدى دائم التأمل فى مصير الإنسان العادى فى عصر الآلات، وكيف أن هذه الميكنة المتزايدة ووسائل تعليمها التجريدية خربت ملكات الإنسان الطبيعية، ففكر فى عمل مشروع خاص به، واختار النسيج كحرفة لأنها تكنيك معقد يحتاج إلى كثير من الوقت لتعلمه، وبدأ مشروعه مع 15 طفلا وطفلة من داخل القرية، الذين بدأوا فى نسج أفكارهم المستوحاة من الطبيعة فى صورها المختلفة، وبدأوا فى تعلم الحرفة شيئا فشيئا عن طريق تنفيذ أفكارهم مباشرة على الأنوال دون رسوم أو ماكيتات مسبقة، فخيال الطفل وحده هو الصانع للوحة».

بعيدا عن زحام الحياة، وداخل مساحة واسعة تصل إلى نصف فدان، تُحيطها الأشجار والنباتات بمختلف ألوانها، ومجموعة من البيوت على هيئة قباب مبنية من الطوب اللبن، بدأ المهندس رمسيس واصف مشروعه «المركز الفنى» للسجاد اليدوى، ترى سيدات تتفاوت أعمارهن انهمكن فى نسج السجاد اليدوى على الأنوال الخشبية، يبلغ متوسط الوقت الذى يستغرقه عمل سجادة يدوية ما بين 4 و6 أسابيع، بينما قد تستغرق بعضهن ما يقرب من عامين لإنهاء السجادة.

رغم تجاوزهن الستين من العمر، إلا أن بعضهن ما زلن يحرصن على الاستمرار فى العمل داخل المركز، فقد قضين سنواتهن على النول الخشبى، ولا يعرفنن مهنة غيرها، زينب التى تعمل فى المركز منذ أن كان عمرها إحدى عشرة سنة، سردت تجربتها فى مدرسة الحرانية، وكيف أتقنت المهنة على يد رمسيس ويصا وقالت: «تعلمت الحرفة فى صغرى، كنا أطفالا، إلا أن المهندس رمسيس ترك لنا ملكة الإبداع الفطرى التى ولدنا بها، ومن وقتها وأنا لا أمارس سوى نسيج السجاد اليدوى، ففى كل صباح أبدأ عملى داخل المركز، وأرمى بهمومى الثقيلة خارجه وأضع كل تركيزى داخل اللوحة التى أريد رسمها، والتى أستقيها من حياتنا اليومية والطبيعة التى تحيطنا فى الحرانية».

وأوضحت سوزان واصف أن الخامات التى يتم الاعتماد عليها من الطبيعة، كما أن الصبغات المستخدمة طبيعية مستقاة من النباتات التى تزرع داخل القرية مثل الشاى والفول والكافور، ويضطرون إلى استيراد بذور بعض النباتات للحصول على درجات لونية بعينها، مضيفة: «هذا الأمر يتسبب فى رفع تكلفة السجاد فى ظل الكساد الذى نعانيه إلا أننا نحاول الصمود من أجل الإبقاء على المهنة».

وأشارت إلى أن المركز شارك فى عشرات المعارض الدولية على مستوى العالم، وأطلق بعض الوافدين على المركز الهرم الرابع فى مصر، وقد زاره كثير من الوزراء والسفراء داخل مصر، بالإضافة إلى بعض رؤساء الدول الأجنبية، وطافت أعمال أطفال الحرانية كل دول العالم، ونالت الكثير من الجوائز فى معرض سويسرا عام 1957، وحصلت أسرة الفنان ويصا واصف جائزة «أغاخان» عام 1983 تقديرا لأعماله الخالدة.

لم تنس سيدات الحرانية طباعة أسمائهن على أعمالهن من السجاد اليدوى، وتاريخ الانتهاء من نسج السجادة كنوع من الفخر بأعمالهن، ووضع اسمها، فعبرن فيه عن أنفسهن بقوة وجمال، فغزلن مظاهر الحياة حولهن، وصورن حياتهن اليومية البسيطة.



متابعات