علياء العمري : الهوية تلعب دوراً محورياً في صناعة المعاني لتمثيلات الاغتراب
08-10-2017 02:16 مساءً
0
0
الشبكة الإعلامية السعودية-سماء الشريف-جدة أكدت الناقده الدكتورة علياء العمري بأن مفهوم الاغتراب يعد أحد المفاهيم الشائكة والمثيرة للجدل في التراث المعرفي والنظري المعاصر لعلم الاجتماع وفي تاريخ الفكر الاجتماعي، لما يعتريه من لبس وغموض وتضارب في التفسيرات والمقاربات والدلالات. فالاغتراب من المفاهيم المحورية في الفكر الاجتماعي حيث إنه يتناول ماهية وإشكالية الفكر الإنساني مع الذات والحقائق المحيطة بها من حولها، ويحتاج إلى الكثير من الإيضاح والبحث والتأطير والنحت لفهمه وتحليله وتأويله وتحديد مضمونه وملامحه. ومن هذا المنطلق تعنى الورقة الحالية بتقديم خطاب الاغتراب في الرواية السعودية، وذلك من خلال قراءة الخطاب وتحليله في عدد من الاقتباسات لمجموعة من الروايات السعودية، حيث ينصب اهتمامنا في هذه الزاوية على فهم أبعاد الاغتراب وملامحه في ضوء عدد من الأطر النظرية الاجتماعية التي تهتم بالنص وصناعة المعنى وما إذا كان الاغتراب حالة ذهنية تسيطر على النص ومؤلفه والعقل الجمعي في آن واحد.
جاء ذلك في حديثها خلال جلسة الحلقة النقدية بنادي جدة الأدبي، تحت عنوان (خطاب الاغتراب في الرواية السعودية )
وقالت علياء بأن الورقة ستقدم ثلاثة محاور للتحليل: حيث تبتدئ تحت عنوان (خطاب النفي والمنفى) بمعالجة خطاب الاغتراب كحالة اجتماعية وجدانية، وتبرز بعض ما ينتجه من خطابات أو يضفيه من معاني على البناء الاجتماعي، ثم تتجه تحت عنوان (خطاب النكوص) إلى فهم الاغتراب العقائدي كمفهوم إجرائي للردة والتراجع في الخطاب الديني، حيث ينطلق التحليل في هذه الزاوية من السياق الزمني والتاريخي للوقائع الاجتماعية، وتنتهي بمناقشة الكيفية التي تتم بها صناعة المعاني داخل الخطاب، متعرضين لخطاب الصدمة الاجتماعية ودوره في صناعة الهوية المشكلة لملامح الاغتراب.
وقالت العمري فالتغير الاجتماعي الذي حل بالقرى الجنوبية وما صاحبه من مدنية فرضت على النساء التزام المنزل وعدم المشاركة في الفضاء العام كما كان متاحاً لهن سابقاً بالعمل في الحقل ومشاركة الرجل في الأنشطة الاجتماعية والاحتفالية حيث طرأ هذا التغير على بنية الحياة الاجتماعية الريفية منذ ثلاثين عام تقريباً الأمر الذي دفع إلى خلق خطاب الانتماء وفقدان الهوية، كحالة تجسد الحنين لحياة سابقة في زمن آني مستلب، زمن كان عرضة للتغير الاجتماعي والثقافي وجاء محفزاً على الاغتراب والفقد في متن الخطاب الروائي، وترمز دلالة "ظلام الجاهلية" المحملة بالسخرية إلى وصف القرى الجنوبية التي كانت تتمتع بانفتاح ثقافي مغاير ذي خصوصية تميزه عما كان سائدًا في المجتمعات المحيطة حيث كان يرتبط هذا الانفتاح بنمط الحياة الاجتماعية والبيئة الجغرافية السائدة.
فالحنين لجماليات القرية بما تحويه من ملامح ثقافية متنوعة يكاد يكون حكراً على زمن سالف تختلف بواعث الاحتفاء به والحنين إليه باختلاف الوعي والطبقة الاجتماعية،
وقالت إذا ما عدنا إلى خطاب الاغتراب بصوره المتعددة في الروايات التي تم تناولها في هذه الورقة، فيمكن لنا فهم الكيفية التي تمت بها صناعة المعنى من خلال ارتباطها بالتاريخ والواقع الاجتماعي، حيث تنتج الخطابات خطابات مضادة للسلطة المهيمنة على المجتمع، سواء كانت تتمثل في الأفراد أو الجماعات أو البناء الاجتماعي ككل. فالهجرة أو الهرب المؤقت شكلا احد الخيارات التي اتجه لها بعض أبطال الروايات لمواجهة حالة الاغتراب المتمثل في فقدان الهوية وفقدان السيطرة على الواقع. وبالرغم من أن بعض الدراسات الاجتماعية تشير إلى أن الهجرة مقترنة بالأزمات الاقتصادية والسياسية والطبيعية الأمر الذي يخلق حالة من الاغتراب في مجتمع المقصد، إلا أن النصوص الروائية تنتج خطاباً مغايراً تصاغ فيه المعاني بعكس نتائج الدراسات الإمبيريقية؛ فالرحيل والهجرة يعبران عن حالة وجدانية فردية لأفراد يشعرون أن استحالة العيش في مجتمعهم قوة يفرضها عليهم واقعهم الاجتماعي بغض النظر عن الوضع الاقتصادي والسياسي.
وقالت علياء تلعب الهوية دوراً محورياً في صناعة المعاني لتمثيلات الاغتراب، فهي المحدد لحالة الاغتراب سواء لمن انتموا للفكر المتشدد أو لمن عانوا من التشدد والإقصاء أو لمن عانوا من العزلة الذاتية أو فقدان السيطرة على الواقع في النصوص الروائية.
الاغتراب والرواية
وعلق الدكتور سعيد السريحي قائلا لست مطمئنا وقد قرأت ورقة الدكتورة علياء أكثر من مرة إلى أنها قراءة للاغتراب في الرواية السعودية، ليس ذلك لأن دراسة أربع أو خمس روايات لا يمكن لها أن تمثل الرواية السعودية التي تجاوز تاريخ ظهورها الخمسة والثمانين عاما وإنما لأن أي قراءة لعمل إبداعي ينبغي أن تتم من داخله ذلك أن لشخصياته بنياتها التي تتنامى من داخل النص على نحو لا يستقيم معه اعتبار الاستشهاد بحوارات مستقطعة من تلك الروايات قراءة لها أو دراسة لظاهرة تشكل خطابا يجمع بينها وبين غيرها من الروايات.
كما أنني لست مطمئنا وأنا أعيد قراءة الورقة إلى أنها قراءة لخطاب أو حالة الاغتراب في المجتمع السعودي، ذلك أن قراءة المجتمع إنما تقوم على دراسته عبر مداخل عدة لا تكاد تشكل الأعمال الابداعية التي ينتجها ذلك المجتمع غير عتبة أولى لتلك المداخل.
غير أن ذلك كله لا يمكن له أن يشكل انتقاصا من الورقة التي وضعتها بين أيدينا الدكتورة علياء ذلك أنها تشكل نسيجا من نولين ضفرت بهما الباحثة ورقتها يعتمد أحدهما على معرفتها بالملابسات والظروف التي مر بها المجتمع السعودي خلال الحقب الزمنية الثلاثة الماضية كما يعتمد النول الآخر على قدرتها على التقاط ما يمكن أن يدعم معرفتها بتلك الحقب من شواهد التقطتها من تلك الروايات، وقد أعانها على ذلك، وربما أغراها به، تلك اللغة التقريرية المباشرة التي اتسمت بها تلك الروايات في تعبير أشخاصها عن ضيقهم بما هيمن على المجتمع من تشدد انحرف به عما كان عليه من بساطة في العيش وفرح بالحياة ودفع بعض النخب الثقافية إلى التفكير في الهجرة أو تجرع مرارة المعاناة عند تعذر القيام بها.
تلك المباشرة والتقريرية التي اسمت بها تلك الروايات حالت دون تمكين الباحثة من القيام بدراسة فلسفية اجتماعية كان يمكن لها أن تصل إليها فيما لو كانت تلك الروايات مبرأة من تلك المباشرة التي لم تكن شخوصها سوى مرايا يقلب بينها الروائي وجهه ويتخذها أقنعة تتحدث بالنيابة عنه داخل إطار من السرد الذي يشكل مناسبة للتعبير ومسرحا لتحريك دمى الشخصيات.
دراسة الاغتراب دراسة تفي بمرجعياته الفلسفية العميقة كما تأسست في جانبها الماركسي عند ماركس وفي جانبها الوجودي عند برديائيف لا يمكن لها أن تتحقق بدراسة أعمال ندرك جميعا أنها إن امتلكت جماليات السرد فإنها تفتقر إلى العمق الفلسفي الذي يجعل من حالة الاغتراب حالة إنسانية تشكل شرخا داخل الذات عند وقوعها تحت هيمنة المجتمع وقوانينه أو المثل وتساميها، حالة لا يهتف المعلنين منها بمعاناتهم، كما هي تلك الشواهد التي أورطتها الدكتورة علياء وإنما تشي بها حركاتهم وسكناتهم في ثنايا السرد.
تلك هي الأعمال العظيمة التي لا يصرخ أبطالها: نحن غاضبون ومأزومون ونعاني من مجتمع هيمن عليه التشدد وإنما يتركون ذلك للدارس الذي كلما كشف حجابا في العمل لاح له من ورائه ألف حجاب.
وشهدت الحلقة التي أدارها الناقد الدكتور محمد ربيع الغامدي مداخلات عدة من الحضور وكان من أبرز الناقد الدكتور سعيد السريحي والناقد على الشدوي والدكتور عبدالله الخطيب وعبده خال وسعيد فرحه صالح فيضي يوسف العارف والدكتور عبدالعزيز الطلحي ونبيل زارع .
جاء ذلك في حديثها خلال جلسة الحلقة النقدية بنادي جدة الأدبي، تحت عنوان (خطاب الاغتراب في الرواية السعودية )
وقالت علياء بأن الورقة ستقدم ثلاثة محاور للتحليل: حيث تبتدئ تحت عنوان (خطاب النفي والمنفى) بمعالجة خطاب الاغتراب كحالة اجتماعية وجدانية، وتبرز بعض ما ينتجه من خطابات أو يضفيه من معاني على البناء الاجتماعي، ثم تتجه تحت عنوان (خطاب النكوص) إلى فهم الاغتراب العقائدي كمفهوم إجرائي للردة والتراجع في الخطاب الديني، حيث ينطلق التحليل في هذه الزاوية من السياق الزمني والتاريخي للوقائع الاجتماعية، وتنتهي بمناقشة الكيفية التي تتم بها صناعة المعاني داخل الخطاب، متعرضين لخطاب الصدمة الاجتماعية ودوره في صناعة الهوية المشكلة لملامح الاغتراب.
وقالت العمري فالتغير الاجتماعي الذي حل بالقرى الجنوبية وما صاحبه من مدنية فرضت على النساء التزام المنزل وعدم المشاركة في الفضاء العام كما كان متاحاً لهن سابقاً بالعمل في الحقل ومشاركة الرجل في الأنشطة الاجتماعية والاحتفالية حيث طرأ هذا التغير على بنية الحياة الاجتماعية الريفية منذ ثلاثين عام تقريباً الأمر الذي دفع إلى خلق خطاب الانتماء وفقدان الهوية، كحالة تجسد الحنين لحياة سابقة في زمن آني مستلب، زمن كان عرضة للتغير الاجتماعي والثقافي وجاء محفزاً على الاغتراب والفقد في متن الخطاب الروائي، وترمز دلالة "ظلام الجاهلية" المحملة بالسخرية إلى وصف القرى الجنوبية التي كانت تتمتع بانفتاح ثقافي مغاير ذي خصوصية تميزه عما كان سائدًا في المجتمعات المحيطة حيث كان يرتبط هذا الانفتاح بنمط الحياة الاجتماعية والبيئة الجغرافية السائدة.
فالحنين لجماليات القرية بما تحويه من ملامح ثقافية متنوعة يكاد يكون حكراً على زمن سالف تختلف بواعث الاحتفاء به والحنين إليه باختلاف الوعي والطبقة الاجتماعية،
وقالت إذا ما عدنا إلى خطاب الاغتراب بصوره المتعددة في الروايات التي تم تناولها في هذه الورقة، فيمكن لنا فهم الكيفية التي تمت بها صناعة المعنى من خلال ارتباطها بالتاريخ والواقع الاجتماعي، حيث تنتج الخطابات خطابات مضادة للسلطة المهيمنة على المجتمع، سواء كانت تتمثل في الأفراد أو الجماعات أو البناء الاجتماعي ككل. فالهجرة أو الهرب المؤقت شكلا احد الخيارات التي اتجه لها بعض أبطال الروايات لمواجهة حالة الاغتراب المتمثل في فقدان الهوية وفقدان السيطرة على الواقع. وبالرغم من أن بعض الدراسات الاجتماعية تشير إلى أن الهجرة مقترنة بالأزمات الاقتصادية والسياسية والطبيعية الأمر الذي يخلق حالة من الاغتراب في مجتمع المقصد، إلا أن النصوص الروائية تنتج خطاباً مغايراً تصاغ فيه المعاني بعكس نتائج الدراسات الإمبيريقية؛ فالرحيل والهجرة يعبران عن حالة وجدانية فردية لأفراد يشعرون أن استحالة العيش في مجتمعهم قوة يفرضها عليهم واقعهم الاجتماعي بغض النظر عن الوضع الاقتصادي والسياسي.
وقالت علياء تلعب الهوية دوراً محورياً في صناعة المعاني لتمثيلات الاغتراب، فهي المحدد لحالة الاغتراب سواء لمن انتموا للفكر المتشدد أو لمن عانوا من التشدد والإقصاء أو لمن عانوا من العزلة الذاتية أو فقدان السيطرة على الواقع في النصوص الروائية.
الاغتراب والرواية
وعلق الدكتور سعيد السريحي قائلا لست مطمئنا وقد قرأت ورقة الدكتورة علياء أكثر من مرة إلى أنها قراءة للاغتراب في الرواية السعودية، ليس ذلك لأن دراسة أربع أو خمس روايات لا يمكن لها أن تمثل الرواية السعودية التي تجاوز تاريخ ظهورها الخمسة والثمانين عاما وإنما لأن أي قراءة لعمل إبداعي ينبغي أن تتم من داخله ذلك أن لشخصياته بنياتها التي تتنامى من داخل النص على نحو لا يستقيم معه اعتبار الاستشهاد بحوارات مستقطعة من تلك الروايات قراءة لها أو دراسة لظاهرة تشكل خطابا يجمع بينها وبين غيرها من الروايات.
كما أنني لست مطمئنا وأنا أعيد قراءة الورقة إلى أنها قراءة لخطاب أو حالة الاغتراب في المجتمع السعودي، ذلك أن قراءة المجتمع إنما تقوم على دراسته عبر مداخل عدة لا تكاد تشكل الأعمال الابداعية التي ينتجها ذلك المجتمع غير عتبة أولى لتلك المداخل.
غير أن ذلك كله لا يمكن له أن يشكل انتقاصا من الورقة التي وضعتها بين أيدينا الدكتورة علياء ذلك أنها تشكل نسيجا من نولين ضفرت بهما الباحثة ورقتها يعتمد أحدهما على معرفتها بالملابسات والظروف التي مر بها المجتمع السعودي خلال الحقب الزمنية الثلاثة الماضية كما يعتمد النول الآخر على قدرتها على التقاط ما يمكن أن يدعم معرفتها بتلك الحقب من شواهد التقطتها من تلك الروايات، وقد أعانها على ذلك، وربما أغراها به، تلك اللغة التقريرية المباشرة التي اتسمت بها تلك الروايات في تعبير أشخاصها عن ضيقهم بما هيمن على المجتمع من تشدد انحرف به عما كان عليه من بساطة في العيش وفرح بالحياة ودفع بعض النخب الثقافية إلى التفكير في الهجرة أو تجرع مرارة المعاناة عند تعذر القيام بها.
تلك المباشرة والتقريرية التي اسمت بها تلك الروايات حالت دون تمكين الباحثة من القيام بدراسة فلسفية اجتماعية كان يمكن لها أن تصل إليها فيما لو كانت تلك الروايات مبرأة من تلك المباشرة التي لم تكن شخوصها سوى مرايا يقلب بينها الروائي وجهه ويتخذها أقنعة تتحدث بالنيابة عنه داخل إطار من السرد الذي يشكل مناسبة للتعبير ومسرحا لتحريك دمى الشخصيات.
دراسة الاغتراب دراسة تفي بمرجعياته الفلسفية العميقة كما تأسست في جانبها الماركسي عند ماركس وفي جانبها الوجودي عند برديائيف لا يمكن لها أن تتحقق بدراسة أعمال ندرك جميعا أنها إن امتلكت جماليات السرد فإنها تفتقر إلى العمق الفلسفي الذي يجعل من حالة الاغتراب حالة إنسانية تشكل شرخا داخل الذات عند وقوعها تحت هيمنة المجتمع وقوانينه أو المثل وتساميها، حالة لا يهتف المعلنين منها بمعاناتهم، كما هي تلك الشواهد التي أورطتها الدكتورة علياء وإنما تشي بها حركاتهم وسكناتهم في ثنايا السرد.
تلك هي الأعمال العظيمة التي لا يصرخ أبطالها: نحن غاضبون ومأزومون ونعاني من مجتمع هيمن عليه التشدد وإنما يتركون ذلك للدارس الذي كلما كشف حجابا في العمل لاح له من ورائه ألف حجاب.
وشهدت الحلقة التي أدارها الناقد الدكتور محمد ربيع الغامدي مداخلات عدة من الحضور وكان من أبرز الناقد الدكتور سعيد السريحي والناقد على الشدوي والدكتور عبدالله الخطيب وعبده خال وسعيد فرحه صالح فيضي يوسف العارف والدكتور عبدالعزيز الطلحي ونبيل زارع .